المقالة في السعودية، هي قالب من النثر الفني، يعرض فيه الموضوع بطريقة مترابطة، ويظهر فكرة الكاتب، وينقلها إلى القارئ والسامع، بعبارة واضحة.
ارتبطت نشأة المقالة في المملكة العربية السعودية بنشأة الصحافة، وفي العقدين الثامن والتاسع من القرن العشرين الميلادي شهدت المقالة في السعودية ازدهارًا، إذ برز النقد الواقعي، والبنيوي، والأكاديمي المتعدد الاتجاهات، وظهر عدد من النقاد يعملون أساتذة في الجامعات، وبرز تياران نقديان، هما: تيار النقد الأكاديمي، وتيار النقد الصحفي.
منذ أن نشأت المقالة في السعودية، وهي مرتبطة بالصحافة ارتباطًا وثيقًا، وبعد توحيد المملكة العربية السعودية، وتحديدًا بعد ضم الحجاز إليها عام 1343هـ/1924م، صدر عدد من الصحف ساعدت على ازدهار المقالة في السعودية، ومن هذه الصحف "أم القرى" التي صدرت بالتزامن مع تخرج عدد من المتعلمين في مراكز التعليم المنتشرة في جدة، ومكة المكرمة، والمدينة المنورة، و"صوت الحجاز" التي صدرت عام 1350هـ/1932م، و"مجلة المنهل" التي صدرت عام 1355هـ/1937م.
كان للصحف التي صدرت فضل كبير على فن المقالة، إذ اهتمت بالأدب وخصته بالعناية، ومكنت الأدباء من الكتابة وإيصال أفكارهم للناس. وشهدت السعودية حينها نهضة علمية، إذ أرسلت البعوث العلمية إلى مصر والبلدان العربية، لزيادة المتعلمين، ومن أمثال الكتاب الذين ظهروا في تلك الفترة: أحمد العربي، وحمزة شحاتة، ومحمد حسن عواد، ومحمد عمر، وعزيز ضياء، وعبدالله بن خميس.
اندرجت المقالة في السعودية تحت تيارين، الأول تيار قديم، أكثر كتابه من أصحاب الصحف، وأعضاء في المؤسسات الصحفية، والثاني تيار حديث، كتابه من الشباب الناشئين، أصحاب الكتابات الجديدة.
موضوعات المقالة في السعودية
تعددت موضوعات المقالة في السعودية، وتأتي المقالة الدينية في مقدمتها، ثم المقالة الأدبية، والمقالة النقدية، فالاجتماعية، ثم السياسية، والاقتصادية، والعلمية. وقد احتلت موضوعات المقالة الاجتماعية أهمية خاصة لدى كتابها، فنقدوا العادات، والتقاليد الرديئة، والعادات الدخيلة على المجتمع، ومحاربة الفقر، وسوء الخلق، وقد امتازت المقالة الاجتماعية بعدة خصائص فنية، منها: اعتمادها على الجملة الإنشائية، وعنايتها بالفكرة، وبعدها عن الخيال، ومن کتابها: محمد سعيد عبدالمقصود خوجة، وعبدالكريم الجهيمان، وعبدالله بن خميس.
أنواع المقالة في السعودية
تنوعت المقالة في السعودية، ومن أنواعها "المقالة الذاتية"، إذ يهتم كتابها بالجانب الإيقاعي، ومنهم من يميل للمنحى السردي، ومنهم من ينحى منحى مشهديًّا، ومن الناحية الفنية؛ تميزت المقالة الذاتية بميل كتابها إلى استعمال ألفاظ المعجم الرومانسي، ومن كتابها: عزيز ضياء، وعبدالله الجفري،و"المقالة الموضوعية"، وتسمى بـ"النقدية"، واتسمت بالعنف والنزوع إلى الخصومة، والاعتماد على العناوين المثيرة، ومن كتابها: أحمد عبدالغفور عطار، ومحمد حسن عواد.
مؤلفات المقالة في السعودية
في عام 1344هـ/1926م، أصدر عدد من الأدباء الناشئين كتبًا تضم مقالاتهم المنشورة في الصحف، منها: كتاب "أدب الحجاز" جمعه محمد سرور الصبان، وكتاب "خواطر مصرحة"، أصدره محمد حسن عواد، عام 1345هـ/1926م، وفي العام نفسه صدر كتاب "المعرض"، جمعه وأخرجه محمد سرور الصبان، وکتاب "نفثات من أقلام الشباب الحجازي"، جمعه هاشم الزواوي، وعلي حسن فدعق، وعبدالسلام الساسي، وفي عام 1355هـ/1937م، صدر كتاب "وحي الصحراء"، جمعه محمد سعيد عبدالمقصود خوجة، وعبدالله بلخير.
تطوير المقالة في السعودية
شهدت المقالة الأدبية خلال عقد من بداية صحف المؤسسات تطورًا ملحوظًا نتيجة عودة الدارسين السعوديين من مصر وبريطانيا وأمريكا، بعد حصولهم على درجات علمية عالية في الأدب، وظهور المجلات الثقافية والملحقات الأدبية التي تهتم بفن المقالة، منها: مجلة الفيصل، والمجلة العربية، ومجلات الأندية الأدبية. ونتج عن ذلك كتابات أدبية متخصصة، لعدد من الكتاب، مثل: منصور الحازمي، ومحمد بن سعد بن حسين، وغازي القصيبي، وعبدالله الغذامي، وحسن الهويمل، ومعجب الزهراني، وسعيد السريحي.
دراسات في فن المقالة في السعودية
ظهر عدد من الدراسات التي تناولت الأدب السعودي وفن المقالة في السعودية، من حيث النشأة والتطور، والكتاب والأساليب. ومن الدراسات المهمة الدراسة المقدمة من محمد العوين، لنيل درجة الماجستير، من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، بعنوان "المقالة في الأدب السعودي الحديث"، إذ ألقت الضوء على فن المقالة وكتابها في السعودية بتفصيل واستقصاء، من عام 1343هـ/1924م إلى عام 1400هـ/1980م، وقد صدرت الرسالة في كتاب من جزأين، عام 1412هـ/1992م.
المصادر
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة