النقوش الصخرية في السعودية، هي رموز وكتابات أثرية في المملكة العربية السعودية، منقوشة على أسطح صخرية باستخدام تقنيات بدائية، كالقطع والانتقاء والنحت والكشط، كشكل من أشكال الفن الصخري القديم، وغالبًا ما يستخدم علماء الآثار مصطلحات مثل 'حفر' أو 'نقش' في الإشارة إلى مثل هذه النقوش.
مواقع نقوش صخرية في السعودية
تُعد النقوش الصخرية من أقدم الآثار الإنسانية في السعودية، ويعود تاريخها إلى العصرَيْن الحجري الحديث والبرونزي، عُثر عليها في مواطن الاستقرار البشري القديمة في السعودية،كمَوقع الشويمس في منطقة حائل، وقرية الفاو جنوبي منطقة الرياض، وآبار حمى في منطقة نجران، وهي تمثل وثائق تاريخية مهمة لتاريخ الحضارات القديمة، التي توطنت شبه الجزيرة العربية.
ويُشار إلى النقوش المقتصرة على الحروف أو الرموز بالنقوش الصخرية، بوصفها لغةً لحضارةٍ ما، أما النقوش التي تصوّر مشاهد لأشخاص أو حيوانات ونباتات، فتُعرف بالرسوم الصخرية.
النقوش الصخرية السعودية في قائمة 'اليونسكو'
سُجلت أولى النقوش الصخرية المكتشفة في منطقة حائل بالسعودية، بوصفها رابع المواقع الأثرية السعودية المُدرجة في قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) عام 2015م، بعد موقع الحِجر، والدرعية التاريخية، وجدة التاريخية، إذ تُعد أحد المواقع التاريخية اللافتة عالميًّا منذ القرن التاسع عشر، فقد ترك أسلاف السكان العرب في المنطقة آثارًا لتجاربهم البشرية فيها، عبر نقوشٍ وكتاباتٍ تحكي قصصًا وملاحم تاريخية.
وتُعد منطقة حائل موئلًا تاريخيًّا لعدد كبيرٍ من النقوش الصخرية، موزعة بين محافظتي جبة والشويمس، وأظهر إبداع هذه النقوش، بواسطة مطارق حجرية وطرق بدائية، عبقرية العقل البشري.
ويضم موقع الشويمس في منطقة حائل 5431 نقشًا باللغة العربية، ونقوشًا تتضمن عددًا من الرموز، كما يعد الشويمس متحفًا مفتوحًا للنقوش الصخرية في شبه الجزيرة العربية.
النقوش الصخرية في قرية الفاو
عُثر على عدد كبير من النقوش الصخرية العربية في قرية الفاو الأثرية جنوبي منطقة الرياض، وثّقت أساليب الحياة قديمًا، حيث امتلك سكان الفاو قدرات مميزة في فنّ النقش والكتابة، في مجموعة من الموضوعات، التي قدمت مزيدًا من المعلومات حول قضايا دينية وتجارية، منها نقش على الحجر بعبارة تذكارية باللغة الآرامية لإحدى الشخصيات المهمة، نصها 'في ذكرى تيم ابن زيد'.
النقوش الصخرية في نجران
شهدت المنطقة المحيطة بآبار حمى في منطقة نجران استيطانًا بشريًّا منذ آلاف السنين، واشتهرت بأنها من محطات طرق القوافل المهمة القادمة من جنوب شبه الجزيرة العربية إلى شمالها والعكس، وهي من مواقع النقوش الصخرية المهمة في السعودية، إذ تحتضن أكثر من 13 موقعًا فيها كتابات بالخط الثمودي، والمسند الجنوبي، والخط الكوفي.
وأسهم التعاقب الحضاري المتواصل على المنطقة في إنتاج كثير من النقوش في معظم مواقعها، حيث أمكن الوصول إلى 100 موقع شهدت حركةً حضاريَّةً عبر الزمن، وأظهرت الاكتشافات الأثرية الأخيرة في المنطقة، من خلال فرق سعودية ودولية متخصصة، حضارات تعود إلى العصر الحجري، على نحو ما وصلت إليه أعمال البعثة السعودية اليابانية بالتعاون مع 'الجايكا' خلال عام 2002م، التي سجلت نحو 90 نقشًا توزعت بين مواقع: حمى، والعريسة، والخشيبة، والمسماة، والنصلة العليا، وكوكب، ومواقع أخرى.
وتُظهر النقوش والكتابات حيوية موقع حمى وأهميته كمحطة اتصال حضاري وإنساني في فترات زمنية متعددة، ومن النقوش المهمة التي عُثر عليها في موقع الآبار نقش الملك يوسف أسار يثأر، الذي سجل فيه انتصاره على الأحباش سنة 518م، كما يضم الموقع مجموعةً من الآبار القديمة التي كانت محطة القوافل التجارية.
نقوش محافظة الدوادمي
تحتضن الدوادمي، إحدى محافظات منطقة الرياض، أكثر من 35 موقعًا أثريًّا تحتوي بعض أجزائها على نقوش حيوانية ورسوم وكتابات تاريخية، تعود إلى العصر الحجري القديم والأوسط والحديث، ومنها نقشان تاريخيان كُتبا بالخط السبئي في جبال مأسل الجمح، يعود الأول للملك أب كرب أسعد، أحد ملوك حمير التبابعة، في الثلث الأول من القرن الخامس ميلادي، ويعود النقش الثاني لعام 516م، للملك معد كرب الحميري، وكلا النقشين يشيران إلى وجود حملات عسكرية شُنت على بعض قبائل وسط الجزيرة العربية.
توجد على صخور جبال الدوادمي نقوش ورسوم لوعول ونعام، إضافة إلى نقوش ورسوم صخرية وكتابات في موقعي قبيعة وصفاقة، ترجع إلى عصور ما قبل التاريخ والقرن الخامس الميلادي. وتنتشر على سلسلة جبال ثهلان رسوم صخرية لأشكال آدمية وحيوانية ووسوم ورموز، منها موقع مطيوي دلعة في الجنوب الغربي، منها رسوم لأسود بأحجام مختلفة، إضافة إلى رسوم لمجموعة بشر يرقصون، وفي صمة الريان توجد رسوم للبقر الوحشي والمها والغزلان والجمال.
نقوش منطقة القصيم
وثق سجل الآثار الوطني في هيئة التراث نقوشًا ورسومًا صخرية في منطقة القصيم، التي يشكل موقعها الجغرافي حلقة وصل بين وسط الجزيرة العربية وبقية مناطقها الشمالية. وتحوي مواقع الرسوم الصخرية في القصيم كتابات ونقوشًا أغلبها بالخط الثمودي، وتتناول موضوعات الرسوم الصخرية مجالات الصيد والحروب والأحوال الاجتماعية. وتعود هذه النقوش إلى حقب زمنية مختلفة، بداية من العصر الحجري، وصولاً إلى العصر الإسلامي.
وتكثر في منطقة القصيم النقوش والكتابات الإسلامية التي تعود إلى عصور إسلامية متعددة، كون القصيم تقع على طرق القوافل وطرق الحج القادمة من الشرق، ومنها النقوش الإسلامية في جبل كويفر بمحافظة النبهانية، إضافة إلى النقوش الإسلامية في جبل الاكيثال بمحافظة ضرية، ونحت صخري لعناصر حيوانية كالوعول والجمال، مختلفة الوضعيات، ونقش إسلامي في جبال الرديهة بمحافظة البكيرية.
وتحتوي منطقة الغضا في محافظة عنيزة على موقع الفنون الصخرية، الذي يبعد نحو 21 كم على طريق الضلعة. ويضم مجموعة من الواجهات الفنية الصخرية على أكمة سوداء مستطيلة طولها نحو كيلومتر، ممتدة من الشرق إلى الغرب، نحتت عليها عناصر حيوانية وآدمية. كما توجد أشجار متحجرة استخدمت كواجهات صخرية للنحت عليها، منها جزء من عمود أسطواني، طوله متر واحد، وقطره 42 سم. وتحتوي الواجهات الصخرية على عناصر آدمية، وأخرى حيوانية، ورسوم منتشرة في الموقع، ونقوش على الحجر، منها نقش يمثل شخصًا رافعًا يديه إلى الأعلى، ومنحوتات لجمال، وآخر لفارس يمتطي صهوة جواد، ونحت لوعل، إلى جانب عناصر أخرى غير واضحة المعالم.
نقوش المدينة المنورة
بلغ عدد المواقع الأثرية في منطقة المدينة المنورة المسجلة في سجل الآثار الوطني حتى مطلع عام 1440هـ/2018م، 1382 موقعًا، يحتوي بعضها على رسوم صخرية، ونقوش إسلامية يعود بعضها إلى مطلع القرن الهجري الأول/السادس الميلادي، وصولاً إلى القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي، تحوي أبياتًا شعرية، وآيات قرآنية، وأحاديث نبوية، وعبارات وعظية، وأدعية، وأسماء أشخاص، وغيرها من النقوش.
وتوجد نقوش إسلامية في سفوح الجبال والصخور، وعلى ضفاف أودية داخل المدينة المنورة، وفي القرى التابعة لها، وحفرت غالبية النقوش على الصخور بالخط المدني، وبعضها توثيقية لملكية أرض أو مجلس أو منزل، أو عين ماء، أو بئر، ومنها نقوش تعريفية لأصحابها.
مبادرة نقوش السعودية
نظمت وزارة الثقافة مبادرة نقوش السعودية، وهي مبادرة وطنية تشرف عليها هيئة التراث، تهدف إلى تفعيل دور أفراد المجتمع في إحياء التراث الوطني المتمثل في النقوش الصخرية وجبال السعودية، وتمثل دعوة مفتوحة للتعرف على النقوش الكتابية واكتشاف الفنون الصخرية الموزعة في أرجاء السعودية.
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة