تم نسخ الرابط بنجاح
saudipedia Logo
البنية التحتية في السعودية
مقالة
مدة القراءة 8 دقائق

البنية التحتية في السعودية، تعرف بأنها رأس المال العيني المستثمر في المرافق والخدمات العامة في مجالات الطرق والنقل والاتصالات والمياه والصرف الصحي ومحطات توليد الطاقة الكهربائية والسكك الحديدية والموانئ والمطارات، وتتضمن البنية التحتية عدة قطاعات، ما بين قطاعات اقتصادية وقطاعات اجتماعية وقطاعات إدارية، وتعرف أيضًا بالمرافق العامة، أو الأصول التي تُقدِّم بشكل مباشر أو غير مباشر خدمات عامة.

تاريخ الاهتمام بالبنية التحتية في السعودية

منذ توحيد المملكة العربية السعودية، عملت حكومتها على تنفيذ التجهيزات الأساسية، ولا سيما المرافق العامة، وتحسين الخدمات الحكومية، وذلك من خلال الخطط الخمسية المتتالية، بداية بالخطة الخمسية الأولى خلال الأعوام 1390-1395هـ/1970-1975م، إذ أُنفق نحو 80 مليار ريال، فيما بلغت المصروفات في الخطة الثانية نحو 700 مليار ريال، ما يقارب نحو 9 أضعاف اعتمادات خطة التنمية الأولى.

واهتم الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، منذ توحيد السعودية بتأسيس بنيتها التحتية التي تخدم مواطني البلاد في مختلف المناطق، فكان من أول المنظومات التي عمل عليها تأسيس المؤسسة العامة للخطوط الحديدية عام 1366هـ/1947م، وتلا ذلك تدشينه انطلاقة السكك الحديدية بالسعودية في عام 1370هـ/1951م.

البنية التحتية في برنامج التحول الوطني

عمل برنامج التحول الوطني في السعودية على تطوير البنية التحتية اللازمة، وتهيئة البيئة الممكنة للقطاع العام والخاص وغير الربحي لتحقيق رؤية السعودية 2030، وذلك بالتركيز على تحقيق التميز في الأداء الحكومي، ودعم التحول الرقمي، والإسهام في تنمية القطاع الخاص، وتطوير الشراكات الاقتصادية، وتعزيز التنمية المجتمعية، وضمان استدامة الموارد الحيوية.

صندوق وطني للبنية التحتية

أعلن صندوق التنمية الوطني في عام 1443هـ/2021م، تأسيس صندوق البنية التحتية الوطني، الذي صدرت موافقة مجلس الوزراء عليه كأحد الصناديق والبنوك التنموية التابعة لصندوق التنمية الوطني، ليسهم في تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030، من خلال تعزيز تنمية مشاريع البنية التحتية وتمكين مشاركة القطاع الخاص من الاستثمار بها، ويدعم الصندوق مشروعات بقيمة إجمالية تصل إلى 200 مليار ريال على مدى عشر سنوات من تاريخ تأسيسه.

مشاريع تطوير البنية التحتية في السعودية

مع إطلاق برامج رؤية السعودية 2030، بدأ تنفيذ مشاريع ضخمة ومتعددة في مجال البنية التحتية في مختلف المجالات، وتضمن برنامج التحول الوطني آنذاك العديد من المبادرات ذات الصلة بصيانة وتشغيل مشاريع البنى التحتية بمختلف أنواعها بالشراكة مع القطاع الخاص، وتعزيز ربط السعودية عالميًّا بالمراكز السكانية وسلاسل القيمة التجارية والصناعية عن طريق رفع أداء قطاع الخدمات اللوجستية والتنافسية والجودة.

استراتيجية وطنية للنقل والخدمات اللوجستية

سعيًا لتعزيز مكانة المملكة العربية السعودية كمركز لوجستي عالمي، والارتقاء بجودة الحياة، وتحقيق التوازن في الميزانية العامة، وتحسين أداء الجهاز الحكومي، أطلق ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، عام 1442هـ/2021م، الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية، التي تهدف لترسيخ مكانة السعودية مركزًا لوجستيًّا عالميًّا يربط القارات الثلاث، والارتقاء بخدمات ووسائل النقل كافة، وتعزيز التكامل في منظومة الخدمات اللوجستية وأنماط النقل الحديثة لدعم مسيرة التنمية الشاملة في السعودية.

وترتكز الاستراتيجية على تطوير البنى التحتية، وإطلاق العديد من المنصات والمناطق اللوجستية في السعودية، وتطبيق أنظمة تشغيل متطورة، وتعزيز الشراكات الفاعلة بين المنظومة الحكومية والقطاع الخاص، فيما تستهدف النهوض بالسعودية لتصبح في المرتبة الخامسة عالميًّا في الحركة العابرة للنقل الجوي، ورفع قدرات قطاع الشحن الجوي من خلال مضاعفة طاقته الاستيعابية لتصل إلى أكثر من 4.5 ملايين طن.

وعلى صعيد النقل البحري، استهدفت الاستراتيجية الوصول إلى طاقة استيعابية تزيد على 40 مليون حاوية سنويًّا.

وتقدم الخطوط الحديدية خدماتها في قطاع نقل الركاب والبضائع عبر شبكة يبلغ طولها 5,330 كم، من بينها 450 كم في مسار الخط الحديدي لقطار الحرمين السريع بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، كما تحقق الاستراتيجية زيادة في مجموع أطوال السكك الحديدية المستقبلية إلى نحو 8,080 كم تتضمن مشروع "الجسر البري" بطول يتجاوز 1300 كم الذي ستتجاوز طاقته الاستيعابية 3 ملايين مسافر، وشحن أكثر من 50 مليون طن سنويًّا.

إطلاق أعمال البنية التحتية لمشروع "رؤى المدينة"

أعلن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في عام 1444هـ/2022م، إطلاق أعمال البنية التحتية والمخطط العام لمشروع "رؤى المدينة“، في المنطقة الواقعة شرق المسجد النبوي الشريف، الذي تطوره وتنفذه شركة رؤى المدينة القابضة، المملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة، وسيقام على مساحة إجمالية تقدر بنحو 1.5 مليون متر مربع، ويستهدف إنشاء 47 ألف وحدة ضيافة بحلول عام 2030م، إضافة إلى الساحات المفتوحة والمناطق الخضراء التي تيسر وصول الزوار إلى المسجد النبوي الشريف، إذ سيتم تخصيص 63% كمناطق مفتوحة ومساحات خضراء من مساحة المشروع.

النقل العام بمدينة الرياض

تمثّل مشاريع البنى التحتية في السعودية انتقالًا كبيرًا في التنمية الوطنية الشاملة والمستدامة، ومن ذلك مشروع الملك عبدالعزيز للنقل العام بمدينة الرياض الذي يُعد أحد مشاريع البنى التحتية الكبيرة في العالم بطاقة استيعابية قصوى تبلغ 4.5 ملايين راكب يوميًّا، ويضم شبكة نقل عام متطورة من خلال 87 مسارًا لـ"حافلات الرياض"، منها 54 مسارًا تشكل الشبكة الرئيسية لحافلات الرياض، إضافة إلى 33 مسارًا مغذية لـ"قطار الرياض" وبوجود أكثر من 2,900 محطة ونقطة توقف لخدمة الركاب عبر أكثر من 800 حافلة، وتمتد بطول 1900 كم، وكذلك 6 مسارات لقطار الرياض، و84 محطة قطار تنتشر بأحياء العاصمة. 

مشاريع البنى التحتية للنقل 

توسعت السعودية في مشاريع البنى التحتية للنقل باعتبارها تحقق الصلة بين المدن ومجتمعات السعودية في المناطق المختلفة، إذ أُنشئت طرق بأكثر من 71,500 كم صُممت استنادًا إلى مقاييس عالمية لربط المدن الرئيسة بعضها ببعض، إضافة إلى تطوير عدد من الطرق المفردة التي يصل طولها إلى أكثر من 49 ألف كم، فيما يبلغ طول الطرق الترابية الممهدة نحو 144 ألف كم،ويبلغ مجموع أطوال السكك الحديدية داخل المدن وفيما بينها أكثر من 5,500 كيلومتر، ويُنقل خلالها أكثر من 10 ملايين راكب و20 مليون طن من البضائع سنويًا، إلى جانب 29 مطارًا تشمل 5 مطارات دولية.

وقد تحقق من خلال تطوير البنية التحتية للنقل عبر السكك الحديدية عدد من الإنجازات، من خلال أداء الشركة السعودية للخطوط الحديدية "سار"، (المؤسسة العامة للخطوط الحديدية سابقًا)، ففي النصف الأول من عام 2024م، تجاوز عدد المسافرين 5.1 ملايين مسافر عبر قطارات "سار" بنسبة زيادة 17 % مقارنة بذات الفترة من العام 2023م. ووصل إجمالي عدد الرحلات إلى 17.2 ألف رحلة عبر شبكات قطار الشرق وقطار الشمال وقطار الحرمين السريع. وتجاوز حجم المعادن والبضائع التي جرى نقلها عبر شبكاتها 13.26 مليون طن، بنسبة ارتفاع 9% عن ذات الفترة من عام 2023م، مما أسهم بإزاحة أكثر من مليون رحلة شاحنة عن الطرق السريعة بالمملكة. وخلال موسم حج العام 1445هـ، نُقل 2.2 مليون حاج عبر قطار المشاعر المقدسة على متن 2,206 رحلات، فيما استقل قطار الحرمين السريع أكثر من مليون مسافر عبر 3,895 رحلة جرى تسييرها خلال الموسم.

تطوير البنية التحتية لقطاع الثروة السمكية

يعد البرنامج الوطني لتطوير قطاع الثروة السمكية في السعودية، استراتيجيةً وطنية شاملة لتطوير قطاع الثروة السمكية وتعزيز دوره الاقتصادي والتنموي المستدام، وأطلقت وزارة البيئة والمياه والزراعة 5 مبادرات لتطوير القطاع منها مبادرة "تطوير البنية التحتية لدعم التجمعات البحرية"، ومبادرة "تطوير البنية التحتية لدعم الاستزراع المائي"، للوصول إلى إنتاج 600 ألف طن من الأسماك بحلول عام 2030م.

هيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية "إكسبرو"

تعزيزًا للعمل المؤسسي في قطاع البنى التحتية، تشكلت هيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية "إكسبرو" بموجب قرار مجلس الوزراء الصادر في 23 فبراير 2021م/11 رجب 1442هـ، القاضي بضم البرنامج الوطني لدعم إدارة المشروعات والتشغيل والصيانة في الجهات العامة "مشروعات" إلى مركز تحقيق كفاءة الإنفاق، وتحويل المركز إلى هيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية. وتهدف الهيئة إلى: الارتقاء بجودة المشروعات والأصول والمرافق، وتخطيط البنية التحتية، والبرامج والمبادرات والعمليات التشغيلية الممولة من الميزانية العامة للدولة، ومتابعة تنفيذ تلك الجهات للبرامج والمبادرات الخاصة بها بما يحقق أهداف الهيئة، والإسهام في تحقيق كفاءة الإنفاق في الجهات الحكومية.

تطوير البنية التحتية لقطاعات جودة الحياة في السعودية

من ضمن برامج رؤية السعودية 2030 الفاعلة في قطاع البنى التحتية، برنامج جودة الحياة الذي يُعنى بتطوير البنية التحتية لقطاعات جودة الحياة المختلفة في السعودية، ومنها قطاعات: الرياضة، والثقافة والتراث والفنون، والترفيه، والسياحة، والترويح، والهوايات، والقطاع البلدي، والقطاع الأمني.

ويتكامل دور ذلك البرنامج مع نظيره برنامج التحول الوطني في تأسيس البنية التحتية اللازمة من خلال أبعاده الاستراتيجية الثمانية: الارتقاء بالرعاية الصحية، وتحسين مستويات المعيشة والسلامة، وضمان استدامة الموارد الحيوية، وتعزيز التنمية المجتمعية وتنمية القطاع غير الربحي، وتحقيق التميز في الأداء الحكومي، وتمكين فئات المجتمع من دخول سوق العمل ورفع جاذبيته، والإسهام في تمكين القطاع الخاص، وتطوير القطاع السياحي والتراث الوطني.

تطوير البنية التحتية الرقمية في السعودية

تشمل خطط ومشاريع البنى التحتية في السعودية، البنية التحتية الرقمية، إذ صُنفت السعودية ضمن أفضل 10 دول متقدمة في العالم، لما تمتلكه من متانة في البنية التحتية الرقمية. وقد عملت السعودية على وضع استراتيجية خمسية في هذا المجال ضمن عدة خطط عمل: خطة العمل الأولى (2006-2010م)، وخطة العمل الثانية (2012-2016م)، وخطة العمل الثالثة (2020-2024م) والتي خُفّضت مدّتها لتصبح حتى عام 2022م، بعداعتماد نموذج حوكمة جديد للحكومة الرقمية في المملكة وإنشاء هيئة الحكومة الرقمية، واعتُمدت نسخة جديدة من استراتيجية الحكومة الرقمية مستوحاة من رؤية السعودية 2030. وحددت استراتيجية الحكومة الرقمية هدفًا طموحًا يتمثّل في أن تقدّم الحكومة، بحلول عام 2030م، خدمات حكومية رفيعة المستوى تلبي احتياجات المواطنين بكفاءة وفعالية، إضافة إلى أن تُصنّف الحكومة ضمن المراتب العشرة الأولى في مجال الحكومة الرقمية. 

وقطعت السعودية شوطًا في تأسيس البنية التحتية الرقمية، واحتلت مرتبة عالمية متقدمة في هذا القطاع، إذ حققت في 2024م المركز الثاني على دول مجموعة العشرين للمرة الثانية على التوالي، في مؤشر تنمية الاتصالات والتقنية 2024 الصادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات، الذي يرصد اقتصادات 170 دولة لقياس التطور الرقمي وتقدم الدول في خدمات الاتصالات والتقنية من خلال عدد من المؤشرات الفرعية التي قُسمت على محوري الاتصال الشامل والفعال. وحققت المملكة المركز الأول على مجموعة العشرين في محور الاتصال الفعال، والمركز الثاني في محور الاتصال الشامل. ويقيس مؤشر تنمية الاتصالات والتقنية (IDI) التطور الرقمي ومتانة البنية التحتية الرقمية. 

تطوير البنية التحتية للقطاع السعودي الثقافي

شمل تطوير البنية التحتية أيضًا القطاع الثقافي في ظل تنفيذ مشاريع رؤية السعودية 2030، إذ شهد القطاع تطورًا لافتًا مع استحداث 11 هيئة ثقافية مختلفة و16 قطاعًا فرعيًّا، تهدف إلى النهوض بالبُنى التحتية الخاصة بالقطاعات الثقافية، وتمكين القطاع الخاص من الاستثمار فيها.

وتضمنت مشاريع البنية التحتية الثقافية عددًا من المبادرات الأساسية، منها تطوير المكتبات العامة التي وُضعت استراتيجيتها، وإنشاء عدة متاحف وطنية، كما رُخّص لأكثر من 200 متحف خاص، وتأهيل وتشغيل عدة متاحف أخرى، وتطوير قطاع الأفلام، وإنشاء أكاديمية للفنون التقليدية، ومعهد للموسيقى.

البنية التحتية للطاقة

أعلنت أرامكو السعودية في جمادى الأولى 1443هـ/ديسمبر 2021م، عن صفقة كبرى لشبكة أنابيب الغاز بقيمة 15.5 مليار دولار، مع ائتلاف عالمي بقيادة شركة بلاك روك للأصول الثابتة وشركة حصانة الاستثمارية، وتمثّل الصفقة إحدى كبرى صفقات البنية التحتية للطاقة في العالم، وثاني الصفقات الكبرى لأرامكو السعودية لخطوط الأنابيب خلال العام نفسه.

تحسين البنية التحتية بالقطاع السياحي

امتدت جهود تحسين البنية التحتية كذلك إلى القطاع السياحي، إذ أنشئت مشاريع ضخمة، وأُسست هياكل تنظيمية ومؤسسية كما في حالة إطلاق شركة السودة للتطوير في منطقة عسير في عام 1442هـ/2021م، باستثمارات متوقعة تتجاوز 11 مليار ريال، وتهدف الشركة المملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة، للاستثمار في البنية التحتية وتطوير قطاعي السياحة والترفيه.

وفي إطار تحديد مرجعية موثوقة لمشاريع البنية التحتية وحصرها، أعدت هيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية دليلًا لإدارة المشاريع، يُعدّ مرجعًا وطنيًّا، لضبط وحوكمة مشاريع البنية التحتية التابعة للجهات العامة، ليكون مرجعًا شاملًا لإدارة مشاريع البنية التحتية بجميع مراحلها منذ البداية حتى النهاية، في 16 مجلدًا.