تم نسخ الرابط بنجاح

التاريخ الاقتصادي للسعودية

saudipedia Logo
التاريخ الاقتصادي للسعودية
مقالة
مدة القراءة 6 دقائق

التاريخ الاقتصادي للسعودية، هو العمليات والظواهر الاقتصادية التي مرت بها المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها، ويرتبط ذلك باكتشاف النفط في عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، وتحديدًا في ربيع الأول 1358هـ/مايو 1939م، الذي شهد أول عملية ضخ للنفط السعودي.

عاش الاقتصاد السعودي مرحلة تأسيس وبناء بدأت منذ توحيد المملكة عام 1351هـ/1932م، واستمرت حتى عام 1389هـ/1969م، بعد ذلك انتقل إلى مرحلة أخرى من التطور، هي مرحلة التخطيط التنموي، ارتكز أداؤه خلالها، حتى عام 1435هـ/2014م، على عاملين رئيسيين، الأول: مستوى ونمو العوائد النفطية، والثاني: سياسات الإنفاق الحكومي. وبدأ من 1437هـ/2016م مرحلة جديدة من التطور، تمثلت في إطلاق رؤية السعودية 2030، وهي خطة وطنية طموحة للتغيير، تهدف لبناء مستقبل مزدهر، وتحقيق النمو الاقتصادي، وتحسين جودة الحياة.

دورات الاقتصاد السعودي

مر الاقتصاد الوطني للسعودية بعدد من الدورات الاقتصادية، بدءًا من عام 1970م الذي مثّل بداية النهضة الحديثة للاقتصاد السعودي مع إطلاق خطط التنمية الخمسية، إذ تضاعف سعر برميل النفط أربع مرات، وبالتالي ارتفعت الإيرادات النفطية، مما أدى إلى اعتماد زيادات الإنفاق الحكومي المتتالية، والتي أسهمت في تسريع وتيرة النمو الاقتصادي خلال مرحلة الازدهار (1970-1981م).

أعقبت مرحلة الازدهار التي رافقت انطلاقة الخطط التنموية مرحلةُ ركود بدأت من عام 1982م، نتيجة لتباطؤ معدل النمو السنوي للإنتاج النفطي، بالتزامن مع تراجع في أسعار النفط، ومن ثم انخفاض الإيرادات النفطية. وعاد الاقتصاد السعودي للانتعاش بدءًا من عام 2003م، وبلغ متوسط معدل النمو السنوي للناتج المحلي الحقيقي 5%، بالتزامن مع تحقيق فوائض مالية.

وفي نهاية عام 2014م، شهدت أسعار النفط تدهورًا استمر إلى فترات لاحقة، وقاد ذلك إلى إطلاق ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، رؤية السعودية 2030 في 18 رجب 1437هـ/25 أبريل 2016م، وهي خطة إصلاحية شاملة تهدف لتحرير اقتصاد المملكة العربية السعودية من الاعتماد على الصادرات النفطية. 

الإصلاحات الاقتصادية في عهد الملك عبدالعزيز

تمثلت الإصلاحات الاقتصادية في عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود في الإصلاح النقدي، وتوطين البادية، والربط بين مناطق المملكة، مما شجع على حركة التجارة الداخلية، إضافة إلى أعمال التنقيب عن البترول.

سك العملة السعودية

أمر الملك عبدالعزيز بسحب جميع العملات النقدية المتداولة محليًا ليحل محلها الريال المجيدي، ثم بدأ سك عملة محلية تحمل اسم سلطان نجد، وفي عام 1346هـ أصدر الريال الفضي السعودي، ثم أمر بإنشاء مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي حاليًّا) في عام 1371هـ/1952م.

تتابعت بعد ذلك الإصلاحات النقدية، واستمرت حتى بعد عهد الملك عبدالعزيز، ففي عام 1376هـ/1957م انضمت السعودية إلى صندوق النقد الدولي، ما أدّى إلى ربط العملة المحلية بالعملات الدولية، وظهرت البنوك المحلية للمرة الأولى عام 1380هـ/1960م.

خطط التنمية في السعودية

في عام 1965م، أنشئت الهيئة المركزية للتخطيط، وكانت مسؤولة عن إعداد وتنفيذ خطة التنمية الخمسية الأولى (1970 – 1974م)، وفي عام 1975م حُولت الهيئة إلى وزارة التخطيط. وانطلقت خطط التنمية في عام 1970م، إذ صدرت أول خطة تنمية خمسية في السعودية، وتبع ذلك إصدار تسع خطط تنموية حتى عام 2014م.

تجاوز الناتج المحلي الإجمالي في خطة التنمية الأولى النمو المستهدف من 9.8%، ونما بمعدل سنوي 20.9% وذلك نتيجة لارتفاع أسعار البترول، كما تجاوز القطاع النفطي والقطاع غير النفطي معدلات النمو المستهدفة.

واجهت خطة التنمية الثانية (1975 – 1979م) نقصًا شديدًا في العمالة الوطنية نتيجة لزيادة الإنفاق الحكومي والتوسع في مشاريع البنية الأساسية، مما دعا لاستقدام العمالة الأجنبية.

وركزت الخطة الثالثة (1980 – 1984م) على زيادة النمو في قطاعات وأنشطة معينة، وحقق الناتج المحلي الإجمالي معدل نمو سالب بنحو 10.3%، إضافةً إلى تراجع نمو القطاع النفطي، فيما نما القطاع الزراعي بمعدل يفوق المستهدف.

ومع حلول خطة التنمية الرابعة (1985 – 1989م) كانت معظم البنية الأساسية قد اكتملت، وهي الفترة التي شهدت انخفاضًا تدريجيًّا في العائدات النفطية، وكذلك في معدل نمو القطاع الخاص.

وركزت الخطة الخامسة (1990 – 1994م) على دعم القطاع الخاص عن طريق مجموعة من الإجراءات التنظيمية والحوافز، وكان لحرب الخليج الأولى أثرها المالي والتنظيمي على اقتصاد السعودية، مما دعا لإجراء بعض التعديلات على أولويات الإنفاق الحكومي.

وعلى الرغم من النمو الاقتصادي المتسارع على مدى ثلاث سنوات متتالية (1994 – 1997م)، إلا أن الانخفاض الذي طرأ على أسعار النفط العالمية أثر على الخطة التنموية السادسة (1995 – 1999م).

وحقق الاقتصاد السعودي في خطة التنمية السابعة (2000 – 2004م) معدل نمو للناتج المحلي الإجمالي يقدر بنحو 3.6%، في حين حقق معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في خطة التنمية الثامنة (2005- 2009م) متوسطًا سنويًّا يقدر بنحو 2.2%، وهو أقل من المعدل الذي استهدفته الخطة والبالغ نحو 4.6%.

وفي خطة التنمية التاسعة (2010 – 2014م)، التي تزامن إعدادها مع أزمة مالية واقتصادية عالمية أثرت على الأسواق المالية، حقق معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي متوسطًا سنويًّا قُدرَ بنحو 5.4%، وهو أكبر من المعدل المستهدف للخطة والبالغ نحو 5.2%، ونما الناتج المحلي الحقيقي للقطاع النفطي بمعدل أكبر بكثير من المعدل المستهدف، في حين حقق القطاع غير النفطي معدل نمو سنويًّا بمتوسط بلغ نحو 6.2% وكان المستهدف 6.3%.  

رؤية السعودية 2030

يُعد عام 2015م عامًا فارقًا في تاريخ الاقتصاد السعودي، إذ فصل بين مرحلة الخطط التنموية التي انتهت عام 2014م ومرحلة رؤية السعودية 2030 التي انطلقت عام 2016م، وتستخدم بيانات ذلك العام كأساس للمقارنة في رؤية السعودية 2030.

ترتكز رؤية السعودية 2030 على ثلاثة محاور تتكامل فيما بينها لتحقيق أهداف الرؤية وتصحيح المسار الاقتصادي، وهذه المحاور الثلاثة: مجتمع حيوي، وهو أساس مهم لبناء قاعدة صلبة للازدهار الاقتصادي، والمحور الثاني هو اقتصاد مزدهر يوفر الفرص للجميع من خلال بناء نظام تعليمي منسجم مع احتياجات السوق، والمحور الثالث وهو وطن طموح يسعى لتطبيق مبادئ الكفاءة والمساءلة بالعمل وفق معايير عالية من الشفافية والمساءلة، وإدارة الموارد المالية بكفاءة واقتدار، وإنشاء مؤسسات حكومية مرنة، واعتماد نظم فعالة لمراقبة الأداء.

تُقسم رؤية السعودية 2030 إلى ثلاث مراحل: الأولى مرحلة وضع الأساس (2020-2016م)، والثانية مرحلة تحقيق المكاسب (2020-2025م)، والثالثة مرحلة تعميق الأثر (2025-2030م).

الميزانية العامة السعودية

أنشئت مديرية للمالية العامة في المملكة عام 1929م، ثم حولت إلى وزارة المالية عام 1932م، وكانت تشرف على إدارة الشؤون المالية العامة، وحفظ أموال الدولة، وجباية الإيرادات العامة، وفي عام 1953م، صدر أمر ملكي بإنشاء وزارة الاقتصاد التي دمجت بعد عامين مع وزارة المالية، وأصبح اسمها "وزارة المالية والاقتصاد الوطني"، وفي عام 2004م فصل الاقتصاد عن المالية وأصبح اسمها وزارة المالية، ومن مهامها إعداد الميزانية العامة للدولة.

مرت الميزانية العامة للدولة بمراحل عدة تأثرت خلالها بالظروف الاقتصادية والسياسية والمحلية والدولية، وكان للتغيرات في أسعار النفط الأثر الأكبر في رسم ملامح الميزانية العامة للسعودية، كما كان للإنفاق الحكومي الذي ارتبط بالعائدات النفطية الدور الأكبر في التحكم بعجلة الاقتصاد السعودي خلال فترات ارتفاع وانخفاض الإيرادات النفطية.

تاريخ التجارة الخارجية السعودية

شهدت الفترة من عام (1970 – 1981م) نموًّا كبيرًا للصادرات والواردات في السعودية، إذ بلغ متوسط معدل نمو الصادرات 49%، ومعدل نمو الواردات 37%.

وخلال الأعوام (1982 – 2002م) تباطأ متوسط معدل النمو، إذ سجل معدل نمو الصادرات 2% والواردات 1%، قبل أن يعود معدل النمو للارتفاع في الفترة التالية (2003 – 2014م)، إذ بلغ متوسط معدل النمو 17% للصادرات، و16% للواردات.

وشهد عام 2015م، نتيجة لتدهور أسعار النفط، انخفاضًا في نمو الصادرات بلغ 41%، فيما نمت الواردات بنسبة 1%، وخلال السنوات الأولى من رؤية السعودية 2030 (2016 – 2018م) تحسن نمو الصادرات، إذ بلغ بالمتوسط 15%، فيما سجلت الواردات انخفاضًا بلغ 7%.

الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد السعودي

عملت رؤية السعودية 2030 على إجراء العديد من الإصلاحات الاقتصادية والمالية، والتي استهدفت تحول هيكل الاقتصاد السعودي إلى اقتصاد متنوع ومستدام مبني على تعزيز الإنتاجية ورفع مساهمة القطاع الخاص، وتمكين القطاع الثالث.

وبلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد السعودي حاجز 7% خلال الربع الثالث من 2021م، ويُعد أعلى معدل نمو سنوي منذ 2012م، وتُظهر المؤشرات أن حجم الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2023م بلغ 2,959 مليار ريال، وبلغت نسبة مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي 50%، فيما بلغت نسبة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي 45%، وبلغ إجمالي الصادرات السلعية في نهاية عام 2022م نحو 1,542 مليار ريال، وبلغت الواردات السلعية 712 مليار ريال.