براءات الاختراع في السعودية

براءات الاختراع في السعودية، هي وثائق لابتكارات واختراعات أُصدرت من جهات علمية، بما يعزز الحضور العلمي والبحثي للمؤسسات العلمية في المملكة العربية السعودية، ويُسهم في تحقيق الانتقال المعرفي.

بدأت العناية بالملكية الفكرية ودعم المبدعين والمبتكرين مع صدور أول نظام باسم "نظام العلامات الفارقة" في عام 1358هـ/1939م، بعد سبعة أعوام من توحيد السعودية. وتوالى بعد ذلك انتقال الملكية الفكرية لأكثر من قطاع، حتى جاءت مبادرة تأسيس الهيئة السعودية للملكية الفكرية، التي اعتُمدت بقرار مجلس الوزراء عام 1437هـ/2016م، ضمن مبادرات التحول الوطني 2020م، وقد أُنشئت الهيئة في 28 جمادى الأخرة 1438هـ/27 مارس 2017م، وصدر تنظيمها في 14 رمضان 1439هـ/29 مايو 2018م.

تُدار براءات الاختراع في السعودية من قبل الهيئة السعودية للملكية الفكرية، المتخصصة في هذا المجال، وتُعرف براءة الاختراع بأنها وثيقة حماية استئثارية تُمنح لمن توصل إلى اختراع، بشرط أن يكون الاختراع جديدًا، ومنطويًا على خطوة ابتكارية، وقابلًا للتطبيق الصناعي، وتمتد حماية براءة الاختراع إلى 20 عامًا من تاريخ إيداع الطلب.

وتُنظم براءات الاختراع في السعودية وفقًا لنظام براءات الاختراع والتصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة والأصناف النباتية والنماذج الصناعية، الصادر بمرسوم ملكي وقرار مجلس الوزراء عام 1425هـ/2004م، الذي نصّت مادته الثانية على تعريف الاختراع بأنه "فكرة يتوصل إليها المخترع، وينتج عنها حل مشكلة معينة في مجال التقنية".

انتقل نشاط براءات الاختراع والتصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة والأصناف النباتية والنماذج الصناعية من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية إلى الهيئة السعودية للملكية الفكرية في عام 1441هـ/2020م، تنفيذًا لقرار تنظيم الهيئة، القاضي بأن تكون الهيئة الجهة المعنية بتنظيم مجالات الملكية الفكرية في السعودية، ودعمها وتنميتها ورعايتها وحمايتها وإنفاذها والارتقاء بها، وفقًا لأفضل الممارسات العالمية. 

ووقّعت الهيئة ثلاث اتفاقيات للمسار السريع في فحص طلبات براءات الاختراع مع مكاتب البراءات العالمية، شملت: كوريا الجنوبية، واليابان، والولايات المتحدة الأمريكية.

استطاع قطاع الأبحاث والتطوير في الهيئة السعودية للملكية الفكرية تحقيق نقلة في تسجيل براءات الاختراع، ففي عام 2015م أصدرت السعودية 763 براءة اختراع، كما نشرت أكثر من 47 ألف ورقة علمية بين 2013م و2015م.

وطوّرت المؤسسات العلمية في السعودية برامجها المعنية بالابتكارات، وفي هذا الإطار تمتلك جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية وقفًا بقيمة 20 مليار دولار (بما يعادل 75 مليار ريال)، سمح بإنشاء مراكز متخصصة وشراكات صناعيّة وارتفاع معدلات ترخيص البراءات وتسويق المنتجات، وجذب المواهب إلى مراكزها البحثيّة التي يبلغ عددها 10 مراكز.

وتصاعدت أعمال الابتكار والملكية الفكرية في السعودية ليبلغ إجمالي طلبات براءات الاختراع المودعة عام 2021م نحو 3979 طلبًا، وعدد طلبات البراءات من داخل السعودية نحو 1407 طلبات، فيما بلغ عدد طلبات براءات الاختراع الدولية المودعة وفق معاهد التعاون بشأن البراءات 2572 طلبًا، وعدد طلبات النماذج الصناعية 1400 طلب، وعدد طلبات النماذج الصناعية من داخل السعودية 853 طلبًا.

وأثمرت جهود الهيئة السعودية للملكية الفكرية في مجال براءات الاختراع والنماذج الصناعية والعلامات التجارية وحق المؤلف في السعودية، عن ارتفاع طلبات براءات الاختراع حتى منتصف عام 2024م إلى 58,718 طلبًا، وأصدرت 16,908 وثائق حماية، بينما وصل عدد طلبات النماذج الصناعية في نفس العام إلى 18,275 طلبًا، وأصدرت 12,990 وثيقة حماية.

يعمل عدد من الجهات على دعم الابتكار في السعودية، وتعزيز دوره العلمي والتقني في مختلف المجالات، منها: وزارة الطاقة، ومؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهوبة والإبداع "موهبة"، وصندوق التنمية الصناعية السعودي، وشركة أرامكو السعودية، ووزارة التعليم، والبنك السعودي للتسليف والادخار، ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وجمعية المخترعين السعوديين، ومجموعة عقال، ولجان شباب الأعمال بالغرف التجارية السعودية، وصندوق المئوية.

وأعدت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية "كاكست" الخطة الوطنية للعلوم والتقنية والابتكار، والاستراتيجية الوطنية لبرنامج تطوير الصناعات والخدمات اللوجستية، وخدمات الدعم العلمي للجامعات ومراكز الأبحاث. وعملت على دعم الابتكار من خلال تطوير برامج مراكز الابتكار الصناعي، ودعم وتطوير حاضنات ومسرعات الأعمال، وبرنامج الصناعة الرابعة.

أدّى تزايد النشاط البحثي ودعم الابتكار والموهوبين إلى تحقيق قفزات في تسجيل براءات الاختراع في السعودية، إذ تصدّرت الدول العربية مجتمعة في عدد براءات الاختراع التي سجلتها خلال عام 2017م، وتمكن السعوديون والسعوديات من تسجيل 664 براءة اختراع، بشكل متصاعد عن عام 2015م، الذي شهد تسجيل 409 براءات اختراع، وعن عام 2016م الذي سُجلت فيه 517 براءة اختراع، وارتفع العدد في عام 2021م إلى 1746 براءة اختراع.

ويُعد عدد براءات الاختراع المسجّلة في السعودية لعام 2017م قياسيًا، إذ يمثّل أضعاف ما أنتجته 10 دول عربية، إذ بلغ عدد براءات الاختراع التي حصلت عليها: مصر، والعراق، وسوريا، ولبنان، والجزائر، وتونس، والمغرب، والسودان، واليمن، والأردن، مجتمعة 137 براءة اختراع، يقابلها 664 براءة اختراع سعودية.

تواكب السعودية بأرقام تسجيل براءات الاختراع مستهدفاتها في رؤية السعودية 2030، إذ أكدت الأرقام الصادرة من مكتب براءات الاختراع الأمريكي (USPTO)، أن السعودية تقدمت لتحتل المرتبة الـ 23 عالميًا من بين 92 بلدًا في عدد براءات الاختراع المسجلة عام 2017م. وقد أولت رؤية السعودية 2030 الابتكار والاختراع اهتمامًا في أكثر من موضع، مما يدعم جهودها لتحويل تلك الاختراعات إلى منتجات عملية تطبق على أرض الواقع من خلال الاستثمار فيها وجذب الجهات المنتجة لها محليًا ودوليًا.

ومنح ذلك التفوق الحافز للمؤسسات العلمية والبحثية في السعودية لتتقدم في مسيرتها، وتُصنف في مراتب متقدمة عالميًا، كما في تصنيف جامعة الملك فهد للبترول والمعادن ضمن نادي الجامعات العشر الأوليات في العالم في عدد براءات الاختراع الممنوحة من مكتب براءات الاختراع الأمريكي، بعد تحقيقها 183 براءة اختراع عام 2017م، متفوقة بذلك على جامعات بارزة، مثل: هارفارد، وجون هوبكنز، ومعهد كاليفورنيا للتقنية، وفي عام 2021م حلت في المركز الـ 25 عالميًا بتسجيل 91 براءة اختراع.

تقدمت المؤسسات العلمية في التصنيفات العالمية على صعيد براءات الاختراع، ومن شواهد هذا التقدم: تحقيق جامعة الملك عبدالعزيز في عام 2020م المركز 33 ضمن قائمة أفضل 100 جامعة على مستوى العالم في تسجيل براءات الاختراع في المكتب الأمريكي، وذلك عقب تسجيلها 71 براءة اختراع، بزيادة أكثر من 200% عن عام 2019م، إذ انضمت إلى القائمة للمرة الأولى بتسجيل 34 براءة اختراع في عام 2019م محققة المركز 82 على مستوى العالم، وقفزت للمركز الرابع عالميا ضمن أفضل 100 جامعة في عام 2021م بنحو 187 براءة اختراع.

ومن جانبها، حققت جامعة الملك سعود قفزة في تسجيل براءات الاختراع، إذ بلغ إجمالي براءات الاختراع فيها 715 براءة حتى عام 2015م، تشمل: براءات الاختراع الممنوحة وعددها 420 براءة، وطلبات براءات الاختراع المنشورة وعددها 131 طلبًا، وطلبات براءات الاختراع المودعة وعددها 164 طلبًا، فيما حلت في المرتبة الـ68 عالميًا في عام 2021م، بتسجيل 40 براءة اختراع.

و‏صعدت جامعة الملك فهد للبترول والمعادن للمرتبة الرابعة عالميًا للعام 2018م، وفقًا للتصنيف السنوي للأكاديمية الوطنية الأمريكية للمخترعين وأصحاب الملكية الفكرية للجامعات من حيث عدد براءات الاختراع المسجلة في الولايات المتحدة. وحققت الجامعة قفزة في مجال الابتكار، فبعد امتلاكها خمس براءات اختراع فقط في عام 2005م، دخلت ضمن قائمة أفضل أربع جامعات في العالم في أعداد براءات الاختراع في عام 2018م، بما يزيد على 1000 براءة اختراع.

تقدمت الشركات الكبيرة في مجال الابتكار والتقنية، فقد أدّى الاستثمار في التقنية والمعرفة في شركة أرامكو السعودية مثلًا إلى تحقيق ارتفاعات في مجال الملكية الفكرية، تمثّلت في 175 براءة اختراع في عام 2016م، ارتفعت إلى 233 براءة اختراع في عام 2017م.

وحازت أرامكو السعودية عام 2019م نحو 524 براءة اختراع من مكتب براءات الاختراع والعلامات التجارية في الولايات المتحدة الأمريكية، قبل أن تصل في عام 2020م إلى 683 براءة اختراع،وترتفع في عام 2021م، لتحصل على 864 براءة اختراع، ثم تحقق رقمًا قياسيًا في عام 2022م بعدد 966 براءة اختراع أمريكية.

كما تعمل الشركة السعودية للصناعات الأساسية "سابك"، على تطوير التقنية والابتكار، إذ تمتلك منظومة متكاملة من مراكز التقنية والابتكار تتوزع على 5 مناطق جغرافية، هي: الولايات المتحدة الأمريكية، وأوروبا، والشرق الأوسط، وجنوب آسيا، وشمال آسيا. وتبتكر مراكز تقنيات وتطبيقات "سابك" العالمية أكثر من 95 منتجًا جديدًا سنويًا، فيما تملك الشركة أكثر من 11,070 براءة اختراع دولية. وقدم معهد الأبحاث والابتكار وتقنيات التحلية في المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة في عام 2022م حتى منتصف 2023م، على 21 ملفًا لبراءة اختراع.