الخطوط الحديدية في السعودية

الخطوط الحديدية في السعودية، هي أحد عناصر منظومة النقل البري بين المدن في المملكة العربية السعودية، بما تتضمنه من خطوط ومحطات وقاطرات لنقل الركاب والبضائع. وفي المملكة ثلاثُ شبكات سكك حديدية بمجموع أطوال يزيد على 5,380 كم، تُشغلها الخطوط الحديدية السعودية "سار"، وتشرف عليها وزارة النقل والخدمات اللوجستية.

بدأت المملكة تنفيذ شبكة الخطوط الحديدية بأمر من الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود في 26 ذي القعدة 1366هـ/21 أكتوبر 1947م، وخلال أربع سنوات افتُتح الخط في الرياض في 19 محرم 1371هـ/20 أكتوبر 1951م، وظلت السكة الحديد منذ ذلك الوقت تعمل تحت إشراف شركة أرامكو لفترة من الزمن، حتى ارتبطت بوزارة المالية، وسميت مصلحة السكة الحديد، ليصدر في 22 محرم 1386هـ/13 مايو 1966م، مرسوم ملكي يقضي بالموافقة على النظام التأسيسي للمؤسسة العامة للخطوط الحديدية، وبمقتضاه حُولت السكة الحديد إلى مؤسسة عامة.

وفي فبراير 2021م، صدر قرار مجلس الوزراء بإلغاء المؤسسة العامة للخطوط الحديدية ونظامها، وأن تحل محلها الشركة السعودية للخطوط الحديدية "سار"، اعتبارًا من الأول من أبريل 2021م باسمها الجديد "الخطوط الحديدية السعودية – سار" وأن تكون المالكة للأصول التشغيلية الثابتة والمنقولة إضافة للبنى التحتية لمشروعات القطارات بالمملكة للشحن والركاب بين المدن.

تعمل شركة الخطوط الحديدية السعودية "سار" على تشغيل شبكة الخطوط الحديدية في المملكة، وتشمل شبكات الشركة 15 محطة للركاب، و8 ورش للصيانة، و15 ساحة للمناورة، وتشغل 220 قطارًا للركاب والشحن، وتنقل ما يزيد على 3 ملايين مسافر سنويًا.

يمثّل قطار الشمال القطاع الأكبر في شبكة الخطوط الحديدية في المملكة، ويُعد أطول خط متكامل في العالم يستخدم نظام الإشارات والاتصالات الأوروبي المتقدم المستوى الثاني (ETCSL2). وتشغل شبكة قطار الشمال 2,750 كم، حيث يبلغ طول خط الركاب في قطار الشمال 1,250 كم، ينطلق من الرياض باتجاه القريات مرورًا بالمجمعة والقصيم وحائل والجوف، في حين أن قطار الشمال للشحن يبلغ مجموع أطواله 1,550 كم تمتد من حزم الجلاميد مرورًا بالجوف وحائل وصولًا إلى تقاطع البعيثة في القصيم ليتجه منها نحو منشآت التجهيز والتصدير في رأس الخير بالمنطقة الشرقية.

ويقدم قطار الشمال خدمات اقتصادية كبيرة ويصل طول القطار الواحد إلى ما يزيد على 3.5 كم بقدرة نُقل من خلالها أكثر من 60 مليون طن من المعادن وهي (الفوسفات، البوكسيت، الكبريت المنصهر، حمض الفوسفوريك) مما أسهم في إزاحة أكثر من 4.5 ملايين شاحنة عن الطرق.

وبالنسبة لحركة الإركاب، يضم أسطول قطار الشمال للركاب ستة قطارات تنقسم إلى أربعة قطارات نهارية واثنين ليلية، وهي قطارات ثنائية الاتجاه تتكون من مقطورتين وثمان عربات للركاب، وتبلغ سرعة القطار 200 كم في الساعة، وتبلغ السعة القصوى للقطار الواحد 442 مقعدًا.

يُعد قطار الشرق أول قطارات المملكة، ويعمل على خط مزدوج للركاب يبلغ طوله 733 كم يربط الرياض بالدمام مرورًا بالأحساء وبقيق، وخط الشرق للشحن بطول 550 كم يربط ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام بالميناء الجاف في الرياض مرورًا بالأحساء وبقيق والخرج وحرض والتوضيحية.

وبوصفه جزءًا من منظومة الخطوط الحديدية في المملكة فإنه يخضع لإشراف شركة سار التي تعمل على تشغيل 157 مقصورة على خط الشحن في حين يبلغ عدد العربات العاملة على هذا الخط 5,577 عربة حيث تنتقل القطارات بخمس رحلات يوميًا بمتوسط سعة 220 عربة للقطار الواحد وبطاقة استيعابية تجاوزت في عام 2020م الـ735 ألف حاوية.

ويتكون أسطول قطار الشرق من 22 قطارًا، منها: 12 طقم قطارات حديثة، و10 أطقم كلاسيكية تنقل الركاب بين الرياض والدمام مرورًا بمدينة بقيق والهفوف وتبلغ سرعتها القصوى 180 كم في الساعة.

وتعزيزًا للخدمات اللوجستية في الخطوط الحديدية، افتُتح الميناء الجاف في الرياض في 20 رجب 1401هـ/24 مايو 1981م، وقد شهدت أعداد الحاويات الواردة عن طريق ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام إلى الرياض زيادات كبيرة مطردة، كما تضاعف حجم النقل عدة مرات منذ بدء تشغيل الميناء الجاف، حيث بلغ عام 1401هـ/1981م، 21 ألف حاوية نمطية بالاتجاهين، وتجاوز 318 ألف حاوية قياسية في عام 1426 - 1427هـ/2005 - 2006م).

تشمل شبكة الخطوط الحديدية في المملكة كذلك قطار الحرمين السريع، الذي يُعد واحدًا من أسرع 10 قطارات كهربائية في العالم إذ تبلغ سرعته 300 كم في الساعة بخطوط يبلغ طولها 449 كم، بين مكة المكرمة والمدينة المنورة مرورًا بجدة ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية. وقد بدأ تشغيله في سبتمبر 2018م.

ويضم قطار الحرمين السريع في أصوله 35 قطارًا، ويحتوي كل قطار على 13 عربة، بسعة مقاعد تبلغ 417 مقعدًا للركاب في القطار الواحد.

وأُسس قطار المشاعر في عام 2009م، ويضم في أسطوله 18 قطارًا تسير بسرعة 80 كم في الساعة، بين مشعر منى ومشعر مزدلفة ومشعر عرفات ويخدم حجاج بيت الله الحرام.

بهدف تطوير العمليات التشغيلية في الخطوط الحديدية بالمملكة، انطلقت الشركة السعودية للخطوط الحديدية "سار" لتكون الوجه الشاب لهذه الصناعة وذراعها المستقبلية للاستدامة في جانب نقل الركاب والبضائع، وقد أسسها صندوق الاستثمارات العامة في عام 2006م، لتتولى إدارة وتشغيل الخطوط الحديدية بداية من تنفيذ مشروع قطار الشمال وتشغيله.

وأثبتت "سار" قدراتها التشغيلية حيث صُنفت كواحدة من أفضل ثلاث شركات للخطوط الحديدية في مؤشر الأمان العالمي لمشغلي القطارات والصادر عن الاتحاد الدولي للخطوط الحديدية (UIC) للعام 2019م، وحصدت كذلك جائزة السلامة الدولية للعام 2020م، للمرة الثانية على التوالي من مجلس السلامة البريطاني، بالإضافة إلى حصولها على شهادة الأيزو ISO45001 في مجال الصحة والسلامة.

تتواصل عمليات تطوير الخطوط الحديدية في المملكة، وتستهدف الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية ربط أكثر من 8 آلاف كم من الخطوط الحديدية بحلول عام 2030م، وفق تقنيات عالمية متقدمة ومعايير جودة عالية.

وشهد قطاع الركاب نموًا كبيرًا، إذ ارتفع عدد الركاب في السكك الحديدية خلال الربع الأول من عام 2022م إلى 3.11 ملايين راكب بنسبة نمو بلغت 208% عن العام 2021م، كما نقل أكثر من 3 ملايين طن من البضائع بنسبة ارتفاع 26%، وفي مارس 2022م دشنت خدمة نقل السيارات عبر القطارات من محطة الرياض إلى محطة القريات كأول خدمة من نوعها بالشرق الأوسط.

وفي الربع الثاني من العام 2024م سجلت قطارات المملكة أرقامًا قياسية في نقل الركاب تجاوزت 9.3 ملايين راكب بنسبة نمو بلغت 13% عن الربع المقابل 2023م، كما نقل قطار الشحن أكثر من 6.9 ملايين طن من البضائع والمعادن خلال الربع الثاني 2024م، وبنسبة نمو بلغت 9%، مقارنة بالفترة المماثلة من العام 2023م.  

في جانب التوطين وصناعة الكفاءات يقدم المعهد السعودي التقني للخطوط الحديدية "سرب" برامج رئيسة، هي: قيادة القطارات، وتشغيل وإدارة المحطات، بالإضافة إلى الاتصالات والتحكم، وصيانة البنية التحتية، وأخيرا صيانة القاطرات والعربات، حيث يسعى المعهد لإعداد وتأهيل الكفاءات الوطنية في مجال النقل بالخطوط الحديدية،

وبدأ المعهد أيضًا في عام 2022م تقديم دبلوم قيادة القطارات للمتدربات لتمكينهن في جانب قيادة القطارات وذلك امتدادًا لمسيرة التوطين لهذه الصناعة الحيوية.

وفي عام 2021م مكّن المعهد أكثر من 400 خريج للعمل في عدة تخصصات في صناعة النقل السككي. وفي جمادى الأولى 1445هـ/ديسمبر 2023م، احتفل معهد سرب بتخريج 367 متدربًا ومتدربة، لينضم 138 خريجًا إلى سوق العمل في تخصص قيادة القطارات، و93 خريجًا في تخصص الإشارات والاتصالات، و71 خريجًا في تخصص صيانة القاطرات والعربات، و37 خريجًا في تخصص مساعد قائد القطار، و22 خريجًا في تخصص مركز التحكم، و6 خريجين في تخصص صيانة السكك الحديدية.