تم نسخ الرابط بنجاح

السوق العقاري في السعودية

saudipedia Logo
السوق العقاري في السعودية
مقالة
مدة القراءة 7 دقائق

السوق العقاري في السعودية، هو الممارسات المنظمة لتداول العقارات والناشئة منها في المملكة العربية السعودية، وفق آلية التبادل الطوعي للعقارات بين البائع والمشتري، ويكون تبادل العقارات في كثير من الأحوال على أساس قيمتها السوقية.

بدايات النشاط العقاري في السعودية

بدأ النشاط العقاري في السعودية منذ بدايات تأسيس المملكة، حين انتخب مجلس الشورى الأهلي في عام 1344هـ/1925م مجموعة من الأشخاص للنظر في القضايا المتعلقة بأمر العقارات.

وأسهمت الدولة في تنظيم أداء السوق من خلال إصدار عدد من القرارات كما في الأمر السامي بالموافقة على قرار أجور العقارات لعام 1347هـ/1928م. وتلاه بعد عامين صدور الأمر السامي بالموافقة على نظام العقارات.

تنظيم السوق السعودي العقاري

استمرت عمليات تنظيم الدولة للسوق العقاري وفقًا لمقتضيات التطور، وكان من أبرزها صدور تنظيم أجور العقارات بموافقة الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود على قرار مجلس الوزراء في عام 1394هـ/1974م برئاسة الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود (وكان حينها نائبا ثانيا لرئيس مجلس الوزراء ووزيرا للداخلية)، الخاص بالتعليمات المتعلقة بخصوص تحديد العقارات وأجورها.

ظل العقار أحد القطاعات المؤثرة في الناتج المحلي الإجمالي للسعودية على مر الأعوام، ولا يزال يمثّل دورًا مهمًا في منظومة التنمية المستدامة بالبلاد، على اعتبار أنه عامل إنتاج استراتيجي لكل القطاعات الحيوية، كما أنه مجال مهم لتشجيع الاستثمار المنتج والمدر للدخل والموفر لفرص العمل، وهو الأساس لانطلاق المشاريع الاستثمارية في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية.

التأثير الاقتصادي للسوق السعودي العقاري

يبدو الأثر والتأثير الاقتصادي للقطاع العقاري من خلال توفر عدد من المقومات التي تعزز دوره في الأنشطة الاقتصادية والناتج المحلي الإجمالي، حيث بلغت نسبة مساهمة القطاع العقاري في الناتج المحلي بالأسعار الثابتة لعام 2021م نحو 5%، وحققت الأنشطة العقارية نسبة نمو في الناتج المحلي بنحو 4.3% لعام 2021م، طبقا لمؤشرات الحسابات القومية الصادرة من الهيئة العامة للإحصاء للربع الثالث من عام 2021م.

ويخضع السوق العقاري لعديد من التنظيمات واللوائح المنظمة لنشاطه ومراقبة مؤشرات أدائه، وتوفير البيانات المرجعية الدالة على نمو وتطور السوق، ولذلك تعمل الهيئة العامة للإحصاء على متابعة تحركات أسعار الوحدات المكونة لقطاع العقار ورصد قيم صفقاتها في مختلف مناطق المملكة، من خلال برنامج الرقم القياسي لأسعار العقارات الذي بدأت الهيئة إصداره عام 2017م، ويستمر منذ ذلك التاريخ بشكل ربع سنوي.

ويُعد القطاع العقاري من أبرز القطاعات التي تُسهم في الاقتصاد الوطني، حيث حقَّق نشاط التشييد والبناء إسهامًا في الأنشطة غير النفطية بالأسعار الجارية بنسبة 11.60%، وأسهمت الأنشطة العقارية بنسبة بلغت 14.50% في الربع الثاني من عام 2022م، ويُسهم قطاع الإسكان بأكثر من 115 مليار ريال في الناتج المحلي، ويوفر نحو 40 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة، وتمثل الأصول العقارية نسبة 15% من إجمالي أصول الصناديق العامة للاستثمارات، وتبلغ قرابة 34% من إجمالي أصول صناديق الاستثمار الخاصة البالغة 333 مليار ريال في الربع الثاني من عام 2022م.

وحتى الربع الثالث من عام 2023، بلغت مساهمة الأنشطة العقارية في الناتج الإجمالي المحلي غير النفطي 12.2%، فيما بلغت مساهمة قطاع التشييد والبناء 11.3% فيما يرتبط القطاع بأكثر من 120 صناعة اقتصادية، وهو ما يُؤكد أهميته وحيويته.

أنظمة ولوائح السوق السعودي العقاري

تعددت اللوائح والأنظمة الضابطة المراقبة لأداء السوق العقاري، ومن ذلك لائحة صناديق الاستثمار العقاري الصادرة عن مجلس هيئة السوق المالية عام 1427هـ/2006م، والمعدلة بقرار مجلس هيئة السوق المالية عام 1442هـ/2021م، وعُمل بهذه اللائحة ابتداءً من رمضان 1442هـ/مايو 2021م، وتهدف إلى تنظيم صناديق الاستثمار العقاري المطروحة وحداتها طرحًا عامًا في السعودية وذلك فيما يتعلق بطرح وتسجيل وحداتها وإدارتها وحماية حقوق مالكيها.

كما صدرت اللائحة التنفيذية لنظام التمويل العقاري عام 1434هـ/2013م، والمعدلة بموجب قرار وزير المالية رقم (1144) بتاريخ 2 جمادى الآخرة 1443هـ/5 يناير 2022م وبحسب المادة الثانية فإن مؤسسة النقد (البنك المركزي السعودي حاليًّا)، يختص بتنظيم القطاع، وله في سبيل ذلك، الترخيص لشركات التمويل العقاري بمزاولة نشاط التمويل العقاري، وفقًا لأحكام النظام، ونظام مراقبة شركات التمويل ولوائحهما.

وتعمل وزارة البلديات والإسكان على تطبيق عدد من الأنظمة واللوائح ذات الصلة المباشرة بأداء السوق العقاري، والتي تُسهم في تنظيم الدعم السكني من خلال عدد من البرامج والمبادرات التي تتضمن قرارات لمجلس الوزراء ولوائح وأنظمة وقواعد عمل، ومن تلك البرامج: إيجار، واتحاد المُلاّك، ووافي، والأراضي البيضاء.

ويعمل في السوق العقاري كذلك عدد من الهيئات واللجان بصورة تعزز المؤسسية في أداء السوق، من بينها الهيئة العامة للعقار التي صدر بشأنها تنظيم بقرار من مجلس الوزراء عام 1438هـ/2017م.

ومنذ بداية عمل الهيئة العامة للعقار في عام 2018م حتى نهاية عام 2023م، حققت الهيئة مجموعة من الأهداف لتنظيم القطاع العقاري وزيادة الثقة فيه وتحسين كفاءته وجاذبيته وتيسير استدامته وبناء قدراته، ويشمل ذلك: صدور نظام التسجيل العيني للعقار، واللائحة التنفيذية لنظام الوساطة العقارية، ونظام المساهمات العقارية، ونظام ملكية وفرز الوحدات العقارية وإدارتها، إضافة إلى استراتيجية شاملة لقطاع العقار في المملكة بمشاركة 54 جهة معنية بالقطاع العقاري، واللائحة التنظيمية للمزادات العقارية، وإطلاق منصة ملاك، وإطلاق منصة خدمات الوساطة العقارية وغيرها من الخدمات الرقمية.

مبادرات الهيئة العامة للعقار

دعمت الهيئة السوق العقاري بكثير من المبادرات التي تُسهم في تطوير التشريعات المرتبطة بالعقار، وتماشيًا مع برامج تحقيق رؤية السعودية 2030، أطلقت مبادرات إضافية، منها: إنشاء مركز التحكيم العقاري، وإنشاء مكتب خبراء النزاعات العقارية، وتطوير حلول لتعزيز ثقة القطاع الخاص في موثوقية الأراضي، وتعديل نظام التسجيل العيني للعقار، والإشراف على المعهد العقاري السعودي، وتطوير الممكنات الاستراتيجية والتشغيلية للهيئة العامة للعقار.

وظل السوق العقاري يدعم الناتج المحلي الإجمالي، وحقق مستويات عالية من النمو، وبحسب الإحصاءات الرسمية الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء في عام 2016م فإن الناتج المحلي الإجمالي لقطاع العقار بلغ بالأسعار الثابتة لعام 2010م نحو 128 مليار ريال، بنسبة مساهمة نسبية وصلت إلى نحو 4.9% في الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يشكّل نسبة 8.3% من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي.

ويحقق السوق العقاري قيمة مضافة عالية للاقتصاد الوطني السعودي، ووفقًا للتقديرات يصل العائد الاقتصادي على الاستثمارات العقارية إلى حوالي 8.7 ريالات لكل ريال مستثمر كمخرجات اقتصادية مباشرة وغير مباشرة، كما يبلغ مضاعف القيمة المضافة حوالي 5.2 ريالات لكل ريال مستثمر.

الاستراتيجية الشاملة للقطاع العقاري

مع توجهات الدولة لتطوير أداء السوق العقاري وتعظيم قيمته، وافق مجلس الوزراء في عام 1442هـ/2020م على الاستراتيجية الشاملة للقطاع العقاري والتي تمثّل دعمًا مهمًّا لمنظومة الاقتصاد بشكل عام والقطاع العقاري بشكل خاص، وقد بُنيت على أربع ركائز، وأعطت أولوية لـ 15 هدفًا و18 مبادرة، وجرى ربطها بـ 22 مؤشر قياس.

وتعزز تلك الاستراتيجية مرونة وحيوية السوق العقاري وتمنحه مزيدًا من القدرات الداعمة لتطوره وتحقيق مستهدفاته على المدى البعيد، وتشمل ركائزها الأربع: حوكمة القطاع العقاري، وتمكين واستدامة القطاع العقاري، وفعالية السوق، وخدمة الشركاء.

وتطويرًا لأداء السوق، ورفع مستويات الكفاءة في أعماله، دشن المعهد العقاري السعودي عام 2017م، وهو متخصص في نشر أفضل الممارسات العالمية في القطاع العقاري، وهو أحد المبادرات التي أطلقتها وزارة الإسكان، (وزارة البلديات والإسكان حاليا)، ضمن خطة التحول الوطني لتحقيق رؤية السعودية 2030، وذلك بالتعاون مع شركاء وبيوت خبرة محليين ودوليين في المجال العقاري.

وشملت أعمال التطوير في السوق العقاري بالسعودية كذلك: تأسيس المركز السعودي للتحكيم العقاري التابع للهيئة العامة للعقار عام 1440هـ، كأول مركز من نوعه في السعودية ودول الخليج. وقد أصدر أول أحكامه النهائية في النزاعات العقارية المحالة إليه في يناير 2021م، حيث جرى الفصل في النزاع العقاري وإصداره في مدة لم تتجاوز ثلاثة أسابيع.

دور البرامج السكنية في السوق العقاري

بدعم من برنامج سكني حصل السوق العقاري بالسعودية على دعم قوي ومؤثر في الإنشاءات وأعمال التطوير والتمويل العقاري، ولم يتأثر ذلك بجائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد -19" عام 2020م، إذ سجّل عدد المستفيدين من برامج الدعم السكني ارتفاعًا قياسيًا بنحو 222 ألف أسرة، ونمو مؤشر الوحدات السكنية الجديدة لأكثر من 344 ألف وحدة جاهزة.

ويبدو أثر القطاع العقاري في الناتج المحلي واضحًا من خلال إسهام قطاعي الأنشطة العقارية والبناء والتشييد بما يعادل 115 مليار ريال، خلال الفترة من 2018 - 2020م. كما بلغ الاستثمار غير الحكومي (القطاع الخاص) في القطاع العقاري أكثر من 254 مليار ريال في عام 2020م، وذلك ما جعل القطاع ثاني أكبر قطاع محفز لنمو أكثر من 120 نشاطًا اقتصاديًا.

كما أسهم برنامج سكني في حيوية السوق العقاري من خلال القروض وعمليات التمويل، إذ بلغ عدد القروض العقارية المدعومة ضمن البرنامج 424 ألف قرض منذ تأسيس البرنامج عام 2017م حتى 2020م، فيما ارتفع عدد القروض العقارية من 22 ألف عقد عام 2016م إلى 295 ألف عقد عام 2020م، وسجل نمو العقود العقارية الجديدة معدلًا تاريخيًا لم يسبق تحقيقه.

وواصل برنامج سكني دوره في القطاع العقاري وأطلق في عام 1443هـ/2021م خدمة "السوق العقاري" التي تمكن الملّاك والمطورين والوسطاء العقاريين من إضافة وحداتهم الجاهزة وتحت الإنشاء في مختلف مدن ومحافظات المملكة عبر موقع وتطبيق "سكني"، وذلك امتدادًا لجهود البرنامج المستمرة لتقديم الخدمات السكنية المتنوعة وإتاحة التنوع في المعروض العقاري السكني الملائم بما يُسهم في تسهيل إجراءات التملك وزيادة نسبته إلى 70% بحلول العام 2030م.

تطور السوق العقاري في السعودية

في عام 1443هـ/2021م أطلق صندوق التنمية العقارية، برنامج تمكين المطورين العقاريين من الحصول على التمويل المناسب من الجهات التمويلية "تطوير"، ويهدف البرنامج إلى دعم شركات ومؤسسات التطوير العقاري لزيادة المعروض العقاري من الوحدات السكنية لتحقيق مستهدفات برنامج الإسكان برفع نسبة تملك الأسر السعودية 70% بنهاية 2030م.

وتواصلت إنجازات الهيئات والجهات العقارية، وأصدرت الأمانة العامة للجنة البيع أو التأجير على الخارطة (وافي) 260 رخصة متنوعة لمشاريع البيع والتأجير والتسويق على الخارطة خلال النصف الأول من عام 2022م، بإجمالي وحدات بلغ 62,374 وحدة عقارية؛ وذلك استمرارًا لدور "وافي" في تنظيم سوق البيع والتأجير على الخارطة ورفع مستوى الشفافية فيه ودعم الاستثمار؛ لتعزيز المعروض العقاري من الأراضي والوحدات السكنية.

وسَجلت أعداد المشاريع المُرخصة من لجنة البيع أو التأجير على الخارطة "وافي" خلال العام 2022م نسبة نمو تجاوزت 223% مقارنةً بعام 2019م، لتصل إلى أكثر من 358,030 وحدة عقارية متنوعة من خلال 496 رخصة لمشاريع البيع على الخارطة.

وتعزيزًا لجهود تطوير أداء القطاع العقاري، أعلن صندوق الاستثمارات العامة في عام 1444هـ/2022م إنشاء الشركة الوطنية للتسجيل العيني للعقار "السجل العقاري" لتُسهم في زيادة موثوقية التملك، وتعزيز دقة المعلومات عن العقار، وحفظ حقوق المتعاملين في القطاع بما يحقق مستهدفات برامج رؤية السعودية 2030 في التحول الرقمي، وتنمية الثروة العقارية، وتعزيز الجاذبية الاستثمارية في القطاع العقاري.

وتهدف الشركة إلى تطوير إجراءات وآليات التسجيل العيني للعقار "السجل العقاري" وفقًا لأحكام نظام التسجيل العيني؛ مما يسهم في تمكين ورفع كفاءة القطاع العقاري بما يعزز الموثوقية والشفافية في خدمات وبيانات العقارات من خلال إنشاء سجل متكامل للعقارات في المملكة يتضمن قاعدة بيانات رقمية متطورة لجميع العقارات (الحكومية، التجارية، السكنية، الزراعية والصناعية) وتحتوي على بيانات الملكية والمعلومات الجيومكانية، ويعطى كل عقار رقم سجل عقاري مستقل.