تم نسخ الرابط بنجاح

الاستراتيجية الجيومكانية الوطنية

saudipedia Logo
الاستراتيجية الجيومكانية الوطنية
مقالة
مدة القراءة 6 دقائق

الاستراتيجية الجيومكانية الوطنية، هي خارطة طريق للمملكة العربية السعودية للتمكين الجيومكاني من أجل ضمان أقصى استفادة من المعلومات والمعرفة الجيومكانية المتكاملة في جميع القطاعات، وتُسهم تلك المعلومات الجيومكانية في تقديم منصة متكاملة لجميع البيانات الرقمية ذات البعد المكاني، إذ تحتاج جميع الدول إلى المعلومات الجيومكانية لأغراض التنمية الوطنية واتخاذ القرار.

مواءمة الاستراتيجية الجيومكانية مع الإطار المتكامل للمعلومات الجيومكانية

تستهدف الاستراتيجية الجيومكانية الوطنية المواءمة مع الإطار المتكامل للمعلومات الجيومكانية IGIF، وهو دليل استراتيجي لتطوير إدارة المعلومات الجغرافية المكانية الوطنية اعتمدته الأمم المتحدة، وأعدّته الأمم المتحدة والبنك الدولي، وأسهم عدد من الدول (بما في ذلك المملكة ممثلة بالهيئة العامة للمساحة والمعلومات الجيومكانية) بالإضافة إلى خبراء الـ IGIF في تطويره.

المعلومات الجيومكانية

تمثِّل المعلومات الجيومكانية أحد أكثر قواعد البيانات العلمية التي تساعد الحكومات في التخطيط وتطوير البرامج والمشاريع التنموية، وهناك عدد من التطبيقات الجيومكانية التقليدية التي عُبر عنها في أهداف التنمية المستدامة، مثل: إدارة الأراضي، الحماية البيئية، تخطيط واستخدام الأراضي، الزراعة، إدارة المياه، الدفاع والأمن الوطني، إدارة الغابات، إدارة الكوارث، تطوير البنية التحتية، الإحصاءات والشؤون السكانية، المعلومات البحرية، إدارة العناوين، الاتصالات، التخطيط الحضري.

وتحظى التطبيقات الجيومكانية بأهمية كبيرة لدى منظمة الأمم المتحدة التي وضعت الإطار المتكامل للمعلومات الجيومكانية، الذي يوفر مرونة للدول لتنظيم ووضع استراتيجياتها في هذا الشأن، وأسهمت المملكة في وضع ذلك الإطار وتطويره، الذي يُعد دليلًا استراتيجيًّا لتطوير إدارة المعلومات الجغرافية المكانية الوطنية، ويؤخذ في الاعتبار مواءمة الاستراتيجية الجيومكانية الوطنية مع ذلك الإطار الذي يمثِّل آلية لبلورة وإظهار القيادة الوطنية في مجال المعلومات الجغرافية المكانية، والقدرة على اتخاذ خطوات إيجابية.

يرتبط ذلك الإطار بتسعة مسارات استراتيجية موزعة على ثلاثة مجالات تأثير رئيسة، وهي: الحوكمة، والتقنية، والموارد البشرية، وتعمل تلك المسارات على إرشاد الحكومات إلى تطبيق النظم المتكاملة للمعلومات الجيومكانية بطريقة تسمح بتقديم رؤية للتنمية المستدامة في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.

وتعزز تلك المسارات الاستراتيجية المنظومة الجيومكانية في الدول، وتشمل مسارات: الحوكمة والمؤسساتية، والقانون والسياسات، والمال، والبيانات، والابتكار، والمعايير، والشراكات، والقدرات والتعليم، والتواصل والارتباط.

تطوير الاستراتيجية الجيومكانية الوطنية

عملت المملكة على تطوير استراتيجيتها الجيومكانية الوطنية لمواكبة تطورات التنمية الشاملة والمستدامة، وذلك من خلال العديد من المبادرات.

وحفزت رؤية السعودية 2030 تطوير جميع مناحي الحياة عبر محاورها الثلاثة والبرامج التنفيذية والمبادرات التي تنبثق عنها، ونصَّت الرؤية على "توسيع نطاق الخدمات الإلكترونية المقدمة لتشمل خدمات أخرى مثل نظم المعلومات الجغرافية، والخدمات الصحية والتعليمية"، وأكدت أهمية المعلومات الجيومكانية كأداةٍ داعمة وممكنة لمبادرات تعزيز الحكومة الرقمية، حيث إن "كل شيء يحدث في مكان ما".

وتوفر المعلومات الجيومكانية خريطة متكاملة ورؤية واضحة للمضي في تحقيق الأهداف التنموية في جميع المجالات، وتشمل تلك الأهداف: القضاء على الفقر، والقضاء التام على الجوع، والحياة الكريمة، والصحة الجيدة، والتعليم الجيد، والمساواة بين الجنسين، ونقاء المياه والنظافة العامة، والطاقة النظيفة بأسعار معقولة، وتوفير فرص عمل لائقة ونمو الاقتصاد، والصناعة والابتكار والبنية التحتية، والحد من أوجه عدم المساواة، والمدن والمجتمعات المحلية المستدامة.

​مهام الاستراتيجية الجيومكانية الوطنية

تؤدي الاستراتيجية الجيومكانية الوطنية دورًا مهمًّا في تحقيق التنمية المستدامة في المملكة، وذلك من خلال عملها في ​​دعم التحول والاقتصاد الرقمي الوطني، تعزيز العمل المشترك للاستفادة من المعلومات الجيومكانية المتكاملة، ودعم وتمكين أهداف رؤية السعودية 2030 والاستراتيجيات الوطنية الأخرى، وتشجيع ودعم الابتكار والإبداع في قطاع المعلومات الجيومكانية، وتسريع النمو الاقتصادي وتحسين الإنتاجية والتقدم التقني في جميع القطاعات.

ومن خلال الاستراتيجية أيضًا يمكن الاستفادة من الممارسات العالمية القابلة للتطبيق في مجال المعلومات الجيومكانية، ودعم المبادرات الوطنية للتنمية المستدامة، وحماية موارد المملكة وبيئتها، وبناء القدرات والمهارات الوطنية وزيادة فرص العمل في القطاع، ومؤشرات الأداء الرئيسة وعوامل النجاح الحاسمة لخارطة الطريق الجيومكانية، وتعزيز وإثراء المنصة الجيومكانية الوطنية لتكون المصدر الوطني للمعلومات.

الهيئة العامة للمساحة والمعلومات الجيومكانية

هي هيئة حكومية تتمتع بالشخصية الاعتبارية العامة وبالاستقلال المالي والإداري، وترتبط تنظيميًّا بوزير الدفاع، ويقع مقرها الرئيس في مدينة الرياض.وتهدف الهيئة إلى تنظيم قطاع المساحة والمعلومات الجيومكانية والتصوير، المتعلق بأعمال المساحة والمعلومات الجيومكانية في المملكة العربية السعودية،بما يحقق الجودة وتحسين الأداء، والمحافظة على الجوانب الأمنية بالتنسيق مع الجهات المعنية.

المنصة الجيومكانية الوطنية

عملت الهيئة العامة للمساحة والمعلومات الجيومكانية على تطوير النافذة الوطنية للبنية التحتية الجيومكانية (المنصة الجيومكانية الوطنية)، التي تتيح للمستخدمين التسجيل للاطلاع على طبقات البيانات الجيومكانية الوطنية المختلفة، والمتعلقة بالتخطيط والتطوير، والبيئة الزراعية، والنقل، والأمن والسلامة، والخدمات الاجتماعية، والصحية، والتعليمية، والثقافية، والتجارية، وقطع الأراضي.

يتبع ذلك مزيد من الأنشطة والوسائل والآليات التي تخدم القطاعات المختلفة بالمملكة، من بينها: الخارطة الرسمية للمملكة العربية السعودية وحدودها البرية الدولية، والبنية التحتية الجيوديسية الوطنية، وهي نظام من التقنيات والطرق والأدوات والخدمات المتوفرة بغرض التنمية المستدامة، والخرائط البحرية، وتشمل خرائط ملاحية بحرية ورقية وإلكترونية بمقاييس رسم مختلفة.

وتشمل الأنشطة التي تقدمها الهيئة العامة للمساحة والمعلومات الجيومكانية أيضًا، الخرائط الطبوغرافية التي تُعنى بدراسة الأراضي الشاسعة للمملكة وتضاريسها، وغيرها من التفاصيل. وكذلك الشبكة الوطنية لرصد المد والجزر التي تقدم بيانات رصد المد والجزر خلال أعمال المسوحات البحرية، والشبكة الوطنية لمحطات الرصد المستمر لتحديد المواقع التي تهدف إلى توفير خدمات دقيقة وموثوقة لتحديد المواقع عبر المملكة.

وفي 2 رجب 1443هـ/3 فبراير 2022م، أطلقت الهيئة العامة للمساحة والمعلومات الجيومكانية النسخة المحدثة من المنصة الجيومكانية الوطنية التي تحتوي على معلومات جيومكانية وطنية موثوقة وآمنة ومحدثة، وتقدم العديد من الخدمات والأدوات لمستخدميها وحُدّثت ببيانات أكثر من 20 جهة حكومية جرى جمعها ومعالجتها وتكاملها ونشرها عبر المنصة.

وتعد المعلومات الرقمية الجيومكانية من المحركات الرئيسة في التوسع في المدن الذكية والتنمية الحضرية وتستخدم في العديد من المجالات وفي مختلف القطاعات، وعنصرًا أساسيًّا في تحليل واستشراف المستقبل وعليها تُبنى القرارات الذكية المبنية على معلومات دقيقة.  

تنظيم المعلومات الجيومكانية

وضعت السعودية المعلومات الجيومكانية في إطار تنظيمي ومؤسسي يُسهم في تطوير هذه المعلومات وتوظيفها لخدمة برامج ومبادرات التنمية، وصدر نظام الهيئة العامة للمساحة والمعلومات الجيومكانية بقرار مجلس الوزراء في عام 1442هـ/2020م، ونصَّ على أن الهيئة تهدف إلى تنظيم القطاع في المملكة، والارتقاء به، والإشراف عليه، ومراقبته باستثناء الأعمال المتعلقة بوزارة الدفاع، بما يحقق الجودة وتحسين الأداء، والمحافظة على الجوانب الأمنية بالتنسيق مع الجهات المعنية.

وبموجب ذلك النظام تتولى الهيئة تنفيذ عدد من المهام، منها: وضع المعايير والضوابط الأساسية والاسترشادية المتعلقة بالقطاع، وتحديثها، واقتراح الأنظمة ذات الصلة بالقطاع، واعتماد وتطوير البنية التحتية الجيومكانية الوطنية، والمرجع الجيوديسي الوطني، والشبكات الجيوديسية الوطنية، والمسح البحري الهيدروغرافي، وتوفير البيانات والمنتجات والخدمات والتطبيقات الإلكترونية والخرائط الطبوغرافية والجوية وخرائط الملاحة البحرية ذات الصلة بالقطاع وتسويقها، والمحافظة على أمنها وسريتها.

وتتعدد مهام الهيئة التي يمكن من خلالها تحقيق أهدافها لتشمل إعداد الخطط الاستراتيجية، وإجراء الدراسات والبحوث المرتبطة بالقطاع، والعمل على تفعيلها، بمشاركة الجهات ذات العلاقة. والترخيص لممارسة الأنشطة في القطاع، والإشراف على تأهيل الممارسين، وتصنيفهم، ووضع القواعد المنظمة لذلك. وتهيئة القطاع ليكون جاذبًا للاستثمار، وتحفيز نموه. والإشراف على إصدار أطالس المملكة، وتحديثها، والعمل على تطويرها بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة. والعمل على توفير المعلومات والدراسات الخاصة بحدود المملكة البرية والبحرية. وغير ذلك من المهام الحيوية ذات العلاقة.

أهداف المعلومات الجيومكانية

توفر المعلومات الجيومكانية العديد من البيانات العلمية الدقيقة لخدمة مختلف القطاعات، وعن طريقها يمكن تحقيق العديد من الأهداف في المملكة، تشمل: تيسير استضافة المزيد من المعتمرين وتسهيل الوصول إلى الحرمين الشريفين، والمحافظة على تراث المملكة  الإسلامي والعربي والوطني والتعريف به، وتسهيل الحصول على الخدمات الصحية، وتعزيز الوقاية ضد المخاطر الصحية، والارتقاء بجودة الخدمات المقدمة في المدن السعودية.

وتعمل المعلومات الجيومكانية كذلك على تحسين المشهد الحضري في المدن السعودية، وحماية البيئة من الأخطار الطبيعية، وحماية وتهيئة المناطق الطبيعية، وتطوير وتنويع فرص الترفيه لتلبية احتياجات السكان، وتسهيل ممارسة الأعمال (الجوانب التنظيمية بشكلٍ رئيس)، وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وإنشاء مناطق خاصة وإعادة تأهيل المدن الاقتصادية، وتعظيم القيمة المتحققة من قطاع التعدين.

ويمكن للمعلومات الجيومكانية أن تُسهم كذلك في تحقيق تنمية الاقتصاد الرقمي، وتطوير قطاع السياحة، وتحسين الربط المحلي والإقليمي والدولي لشبكات التجارة والنقل، وضمان المواءمة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، وزيادة مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد​، وتعزيز فاعلية التخطيط المالي وكفاءة الإنفاق الحكومي​، والارتقاء بجودة الخدمات المقدمة للمواطنين، وضمان استفادة مستدامة من الموارد المائية، وتعزيز اهتمام الشركات باستدامة الاقتصاد الوطني.

فعاليات علمية لتعزيز الجيومكانية الوطنية

بدأت الهيئة العامة للمساحة والمعلومات الجيومكانية تنظيم فعاليات علمية تدعم جهود تطوير هذا المجال المعرفي، وفي عام 1442هـ/2021م عقدت أولى ورش عمل الاستراتيجية الجيومكانية الوطنية، التي خُصصت للتعريف بالإطار المتكامل للمعلومات الجغرافية المكانية IGIF، بمشاركة عدد من الخبراء الدوليين والمحليين في مجال المعلومات الجيومكانية.

وتحقق مثل هذه الفعاليات عددًا من الأهداف الداعمة لترسيخ نظم المعلومات الجيومكانية في المملكة من خلال إطلاع المختصين في القطاع على الإطار المتكامل للمعلومات الجغرافية المكانية، وكذلك مواءمة الاستراتيجية الجيومكانية الوطنية مع الإطار المتكامل للمعلومات الجغرافية المكانية، لتعزيز التخطيط الاستراتيجي لقطاع المساحة والمعلومات الجيومكانية.

 وفي ذو القعدة 1443هـ/يونيو 2022م، عُقد الاجتماع الأول للجنة التوجيهية العليا للإشراف على الاستراتيجية الجيومكانية الوطنية، بحضور ممثلين من 21 جهة حكومية لتقديم الدعم والتوجيه لتنفيذ الخطة الاستراتيجية الجيومكانية الوطنية والعمل على تذليل الصعوبات والتحديات التي قد تواجه مراحل التنفيذ، وتعزيز التعاون المشترك بين الجهات ذات العلاقة لتحقيق المستهدفات لتحقيق التنمية الوطنية.