تم نسخ الرابط بنجاح

المديونية الخارجية للسعودية

saudipedia Logo
المديونية الخارجية للسعودية
مقالة
مدة القراءة 6 دقائق

المديونية الخارجية للمملكة العربية السعودية، أو الدَّين الخارجي، هي إحدى وسائل توفير السيولة وجزء من إجمالي الدين العام للدولة بجانب الدين العام الداخلي. وهي مجموع سندات الضمان التي تملكها أطراف خارج الدولة كحكومات أجنبية أو أشخاص مقيمين خارج حدود الدولة، وكذلك هيئات دولية.

وتمكّنت السعودية عبر الفوائض النقدية وتقليل العجز في الميزانية من تقليل حجم الدّين بدءًا من عام 1426هـ/2005م إلى عام 1435هـ/2014م، وفي عام 1432هـ/2011م وصل حجم الدّين إلى نسبة 5.4% من الناتج المحلي الإجمالي، وفي العام الذي يليه أصبحت السعودية ثالث أقل دولة مدينة في العالم بنسبة 3% من إجمالي الناتج المحلي، واستمر الدّين بالتراجع حتى أصبح يمثّل 1.6% من إجمالي الناتج المحلي في عام 1435هـ/2014م.

وأسهم الانخفاض الحاد في أسعار النفط في عام 1436هـ/2015م في تزايد العجز بالميزانية العامة ليصل إلى 388 مليار ريال، ما أدّى إلى ارتفاع نسبة الدّين العام إلى الناتج المحلي إلى 5.8%، وبلغت الديون القائمة على الحكومة في 31 ديسمبر 2015م نحو 142.2 مليار ريال (37.9 مليار دولار أمريكي) جميعها ديون محلية.

حركة الدين الخارجي

ظهر الدّين الخارجي في بيانات الميزانية التي تعدّها وزارة المالية عام 1437هـ/2016م، وبلغت الديون الخارجية المباشرة القائمة على الحكومة في 2 ربيع الآخر 1438هـ/31 ديسمبر 2016م نحو 103.1 مليارات ريال (27.5 مليار دولار)، وارتفعت في 13 ربيع الآخر 1439هـ/31 ديسمبر 2017م إلى 183.8 مليار ريال (49 مليار دولار).

ومع الاستمرار في تراجع أسعار النفط وزيادة عجز الميزانية، ارتفعت الديون الخارجية المباشرة القائمة على الحكومة في 24 ربيع الآخر 1440هـ/31 ديسمبر 2018م إلى 255 مليار ريال (68 مليار دولار)، وواصلت صعودها بحسب بيانات 5 جمادى الأولى 1441هـ/31 ديسمبر 2019م، إلى 305.2 مليارات ريال (81.4 مليار دولار)، ثم إلى 350.2 مليار ريال (93.4 مليار دولار) في صفر 1442هـ/سبتمبر 2020م.

وارتفعت الديون الخارجية أيضًا في شعبان 1442هـ/سبتمبر 2021م إلى 387.6 مليار ريال (103.4 مليارات دولار)، قبل أن تتراجع في جمادى الأولى 1443هـ/ديسمبر 2021م إلى 379.3 مليار ريال (101.1 مليار دولار) ثم إلى 375.1 مليار ريال (100 مليار دولار) في جمادى الأولى 1444هـ/ديسمبر 2022م. 

وفي جمادى الآخرة 1445هـ/ديسمبر​ 2023م، عادت الديون الخارجية إلى الارتفاع لتصل إلى 405.9 مليارات ريال (108.2 مليارات دولار). وبلغت الديون الخارجية على الحكومة السعودية في ذي الحجة 1445هـ/يونيو 2024م، نحو 468.9 مليار ريال (125.0 مليار دولار).​

محفظة الدين العام

فيما يتعلق بمحفظة الدين العام، فقد ارتفع حجمها في عام 1442هـ/2020م بمقدار 176 مليار ريال، أي ما يمثل 26%، ممثلة بإجمالي عمليات تمويلية تُقدر بنحو 220 مليار ريال، شملت تمويلًا دوليًّا بنحو 46 مليار ريال، إضافة إلى تنويع مصادر التمويل محليًّا ودوليًّا على مستوى إجمالي المحفظة.

والتزم الأداء المالي بسياسة متوازنة في ظل تراجع الطلب وأسعار النفط بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، وخلال عام 1442هـ/2020م شاركت السعودية في أسواق الدّين الدولية مرتين، وفي يناير، حققت الحكومة أدنى عائد من الإصدار على الإطلاق، فيما حقق إصدار أبريل أعلى طلب في الأسواق الناشئة بنسبة تغطية 7.7 مرات، ومُدّد منحنى عائد السعودية على الصعيد الدولي من خلال طرح سندات 35 سنة و40 سنة لأول مرة.

وفي عام 2021م ارتفع حجم محفظة الدين العام بنحو 85 مليار ريال لتصل إلى 938 مليار ريال، بما يعادل 30.0% من الناتج المحلي الإجمالي، وفي عام 2022م ارتفع حجم محفظة الدين العام بنحو 52 مليار ريال، لتصل إلى 990 مليار ريال، بما يعادل 25.0% من الناتج المحلي الإجمالي، وترجع الزيادة في حجم المحفظة إلى عمليات التمويل الاستباقية التي نُفذت لإدارة مخاطر إعادة التمويل وسط ارتفاع أسعار الفائدة،  وفي عام 2023م ارتفع حجم محفظة الدين العام بنحو 60 مليار ريال، لتصل إلى 1,050 مليار ريال، بما يعادل 25.4% من الناتج المحلي الإجمالي.

محفظة الدين الدولية

بحسب إجراءات وسياسات المركز الوطني لإدارة الدّين العام، فإن محفظة الدّين الدولية الحالية والمتوقعة تحتوي على مخاطر محدودة لمتغيرات أسعار صرف العملات الأجنبية، بالنظر إلى احتياطي السعودية المتين من العملات الأجنبية ومراكز الأصول وسياسة سعر الصرف المستقرة، كما بلغ الدّين المقوّم بعملة اليورو أقل من 1.5% من إجمالي محفظة الدين في نهاية عام 2020م. ونحو 2% من إجمالي محفظة الدين في نهاية 2021م، والنسبة نفسها في نهاية 2022م،  وفي نهاية 2023م.

تنويع الإصدارات المحلية والخارجية

لتحقيق مزيد من الانضباط المالي في المالية العامة، بدأت استراتيجية الدين العام تعتمد على تنويع الإصدارات بين محلية وخارجية من خلال إصدار الصكوك والسندات بآجال مختلفة ومتنوّعة بين قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل.

واتبعت وزارة المالية في الميزانية العامة للدولة للعام المالي 2018م، سياسة توازن بين إصدارات الدين والسحب من ودائع الحكومة والاحتياطي العام للدولة لتمويل عجز الميزانية، وعملت على تنويع إصداراتها المحلية والخارجية من خلال إصدار صكوك وسندات بنحو 134 مليار ريال، منها نحو 33.7 مليار ريال صكوك خارجية و46.8 مليار ريال سندات خارجية.

وسبق ذلك خلال عام 2017م ترتيب المركز الوطني لإدارة الدين (مكتب إدارة الدين العام سابقًا) برنامج صكوك دولي، وطرح أكبر إصدار صكوك سيادية في الأسواق الناشئة في أبريل، والذي تجاوز أكبر إصدار صكوك سيادية سابقة في العالم بأكثر من الضعف.

وتألف الطرح الذي بلغت قيمته نحو 9 مليارات دولار من شريحتين، هما: شريحة لمدة خمس سنوات بقيمة 4.5 مليارات دولار تاريخ استحقاقها في 20 أبريل 2022م، وعائد يبلغ 2.894% سنويًّا وقت إصدارها، وشريحة أخرى لمدة 10 سنوات بقيمة 4.5 مليارات دولار تاريخ استحقاقها في 20 أبريل 2027م وعائد قدره 3.628% سنويًّا وقت إصدارها.

كما واصلت وزارة المالية عبر المركز الوطني لإدارة الدين الحصول على مزيد من الأموال من خلال طرح السندات، إذ تمكّنت من إدارة الإصدار الدولي الثاني للسندات في سبتمبر 2017م، وتألف الطرح المقدّم من 12.5 مليار دولار من ثلاث شرائح: ثلاثة مليارات دولار لمدة خمس سنوات تاريخ استحقاقها في 4 مارس 2023م وعائد 3.009% سنويًّا في وقت الإصدار، وشريحة ثانية بقيمة خمسة مليارات دولار لمدة 10 سنوات تاريخ استحقاقها في 4 مارس 2028م وعائد قدره 3.762% سنويًّا وقت إصدارها، وشريحة ثالثة بمبلغ 4.5 مليارات دولار تاريخ استحقاقها في 4 أكتوبر 2047م وعائد قدره 4.663% سنويًّا وقت إصدارها.

السياسة النقدية السعودية

أسهمت السياسات النقدية التي تتبعها السعودية في تعزيز الاستقرار النقدي والمالي بها، وكسب ثقة المستثمرين الدوليين، لذلك تسلّم مكتب إدارة الدين العام (المركز الوطني لإدارة الدين حاليًّا) في جمادى الآخرة 1439هـ/مارس 2018م، موافقة مجموعة المؤسسات المالية المشاركة في القرض المجمع على الشروط المطروحة من قبله، ما يعني نجاح المركز مرة أخرى في تعديل وإعادة تسعير ومد فترة القرض الدولي المجمع للسعودية الذي تم ترتيبه عام 1437هـ/2016م والبالغ 10 مليارات دولار.

ومن واقع متانة المركز المالي للسعودية وقوة اقتصادها، فقد ارتفع الطلب على الاستثمار في إصدارات الدين المحلية والدولية بأكثر من ثلاثة أضعاف خلال النصف الأول من عام 2019م، إذ سجل أول إصدار باليورو أكثر من أربعة أضعاف الاكتتاب المتوقع، إلى جانب ذلك جرى تخفيض القيمة الاسمية للصكوك الحكومية إلى ألف ريال، لتنويع شريحة المستثمرين وتعزيز التداول وادخار الأفراد.

وشهد عام 2020م زيادة في إصدارات الدّين المُعلن عنها، ووصلت إلى نحو 100 مليار ريال إضافية لمبلغ سابق هو 120 مليارًا سبق الإعلان عنه، ليصبح الإجمالي 220 مليارًا، وقد وجد الإصدار الثاني لأدوات الدين في السوق الدولية لذلك العام طلبًا كبيرًا، مما عزز الوضع الائتماني للسعودية وتأكيد قوة مركزها المالي.

تطور في إدارة الدين

أدّى التنفيذ المتميّز لخطط واستراتيجيات برنامجي التوازن المالي (الاستدامة المالية لاحقًا) وتطوير القطاع المالي إلى تحقيق تطور مهم في إدارة الدين، إذ أُقفل الطرح الدولي الثاني المقوّم باليورو من برنامج سندات حكومة السعودية في فبراير 2021م، خلال وقت قياسي لم يتجاوز يومًا واحدًا.

وشكّلت تلك العملية اغتنامًا مثاليًّا لفرصة دخول السوق اليورو الأوروبي (ثاني أكبر سوق بعد سوق الدولار الأمريكي) بإصدار أدوات دين بعائد سلبي، ليكون أكبر شريحة أصدرت بالسالب خارج دول الاتحاد الأوروبي، وجرى جمع نحو 1.5 مليار يورو من الاكتتابات، وكان ثاني إصدار دولي لعام 2021م بعد أن أصدرت السعودية خمسة مليارات دولار في يناير من العام نفسه.

وفي إطار ترتيب المركز الوطني لإدارة الدين لأول عملية إعادة شراء جزئي لسندات حكومة السعودية المقوّمة بالدولار، وإصدار صكوك وسندات مقوّمة بالدولار مقسمة على شريحتين تُستحق في عامي 2028م و2032م على التوالي، بقيمة إجمالية بلغت 5 مليارات دولار، فقد أعلن في عام 1444هـ/2022م عن استكمال أول عملية إعادة شراء جزئي للسندات المقومة بالدولار الأمريكي والمستحقة في الأعوام 2023م و2025م و2026م بقيمة إجمالية بلغت 1.3 مليار دولار (نحو 4.8 مليارات ريال)، وإصدار سندات دولارية مقابلها، إضافةً إلى إتمام عملية إعادة الشراء المحلية بقيمة تجاوزت 26 مليار ريال، إذ سُددت أدوات دين مستحقة في 2023م، و2024م، و2026م، وإصدار صكوك مقابلها.

وخلال عام 2023م أتمّ المركز عملية إعادة الشراء المحلية بقيمة بلغت نحو 36 مليار ريال، إذ تم سداد أدوات دين مستحقة في 2024م، و2025م، و2026م، وإصدار صكوك مقابلها، مما ساهم في ارتفاع متوسط عمر محفظة الدين وخفض مخاطر إعادة التمويل للأعوام المقبلة.