الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية، هي تنظيم هيكلي وخطط تهدف لتطوير عمليات النقل والخدمات اللوجستية في المملكة العربية السعودية، وترسيخ مكانتها مركزًا لوجستيًّا عالميًّا يربط القارات الثلاث. أطلقها ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، رئيس اللجنة العليا للنقل والخدمات اللوجستية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، في عام 1442هـ/2021م.
ولارتباط النقل بالأعمال اللوجستية جرى دمج هذه المنظومة في جهاز تنفيذي واحد، فالخدمات اللوجستية هي نشاط ضمن سلاسل الإمداد والتوريد، وتمثل حركة وتخزين وتدفق السلع والخدمات والمعلومات داخل سلاسل الإمداد والتوريد الشاملة. وقد وافق مجلس الوزراء عام 1442هـ/2021م على تعديل اسم وزارة النقل ليصبح وزارة النقل والخدمات اللوجستية. ويواكب دمج هذين القطاعين في جهاز تنفيذي مستهدفات وتطلعات رؤية السعودية 2030.
أهداف الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية
تمثل الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية تحولًا مهمًّا في توظيف قدرات وإمكانات المملكة وموقعها المحوري كحلقة وصل بين خطوط التجارة الدولية إذ تتوسط القارات الثلاث، وتستهدف تلك الاستراتيجية تطوير جميع أنماط النقل، بما في ذلك النقل الجوي، والبري، والبحري، والنقل السككي، وهي تشكل خريطة طريق متكاملة لعصر التنمية المقبل في قطاعي النقل والخدمات اللوجستية في المملكة.
وتركز الاستراتيجية على تطوير منظومة النقل والخدمات اللوجستية والاستثمار فيها بما ينهض بالقطاع، وذلك من خلال بناء بنية تحتية حديثة لتحسين التنقل وتسهيله داخليًّا وبين المملكة والعالم، وتسعى إلى تحقيق 4 أهداف رئيسة على المستوى الوطني، تشمل: ترسيخ مكانة المملكة كمركز لوجستي عالمي، والارتقاء بجودة الحياة في المدن السعودية، والمساهمة في تحقيق توازن الميزانية العامة، وتحسين أداء الجهاز الحكومي.
وتحقق الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية عددًا من الأهداف الداعمة للنمو والتطور الاقتصادي، ويشمل ذلك رفع مساهمة قطاع النقل والخدمات اللوجستية في إجمالي الناتج المحلي الوطني، إلى نسبة 10%، وزيادة ما يضخه القطاع من إيرادات غير نفطية بشكل سنوي ليصل إلى نحو 45 مليار ريال في عام 2030م.
وتتضمن الإستراتيجية حزمة من المشروعات الكبرى الممكِّنة لتحقيق المستهدفات الاقتصادية والاجتماعية، واعتماد نماذج حوكمة فاعلة لتعزيز العمل المؤسسي في منظومة النقل، وبما يتفق مع تغير مسمى الوزارة من وزارة النقل إلى وزارة النقل والخدمات اللوجستية.
أهمية موقع السعودية الجغرافي
للسعودية مزايا جغرافية وتجارية عديدة تمكنها من استثمار مواردها وطاقاتها بصورة مؤثرة في الاقتصاد العالمي، لذلك تعمل على التحول إلى محور لوجستي رائد في المنطقة يرتكز على ثقلها الاقتصادي وموقعها الجغرافي المركزي الذي يُعد مثاليًّا للتوزيع في شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام وشرق أفريقيا، كما أنها تقع مباشرة على الطريق التجاري الذي يربط بين آسيا وأوروبا، الذي يمر منه 12% من تجارة الحاويات سنويًّا.
وعملت المملكة على تطوير قطاع لوجستي يُسهم في تحولها إلى مركز لوجستي، ولذلك أطلقت برنامجًا يضم 9 مبادرات، تشمل: تبسيط عملية الاستيراد والتصدير، وتبني الأنظمة الإلكترونية، وخطة رئيسة متكاملة للبنية التحتية في قطاع النقل، وزيادة السعة المخصصة للشحنات الجوية، والتحسين التنظيمي للقطاع اللوجستي، وإصلاح قطاع الموانئ، وإصلاح قطاع السكك الحديدية، وتحرير قطاع خدمات الشحن الجوي الأرضية، وتطوير المناطق الاقتصادية الخاصة.
النقل الجوي في السعودية
تدعم الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية جهود المملكة في تطوير منظومة النقل بجميع أنواعه بما يتوافق مع مستهدفات رؤيتها الطموحة، حيث تعمل على تطوير النقل الجوي بما يرتفع بالمملكة إلى المرتبة الخامسة عالميًّا في الحركة العابرة للنقل الجوي، وزيادة الوجهات لأكثر من 250 وجهةً دولية، إلى جانب إطلاق ناقل وطني جديد، كما تسعى الاستراتيجية إلى رفع قدرات قطاع الشحن الجوي من خلال مضاعفة طاقته الاستيعابية لتصل إلى أكثر من 4.5 ملايين طن.
وتواكب الاستراتيجية مستهدفات استراتيجية قطاع الطيران المدني في أن تكون المملكة بين أفضل 15 دولةً في مؤشر اتصال المطارات مع العالم، بما يحقق أهداف الاستراتيجيات الخاصة بقطاع الحج والعمرة الذي يستهدف 30 مليون معتمر، وقطاع السياحة الذي يستهدف 100 مليون سائح، إضافةً إلى تحسين هيكل التكلفة لمشغلي القطاع مما يُسهم في تنافسية أسعار التذاكر ورفع الطاقة الاستيعابية لمطارات المملكة إلى أكثر من 330 مليون مسافر سنويًّا.
وشهدت البنية التحتية للنقل الجوي في المملكة تطورًا كبيرًا خلال العقود الماضية، ففي المملكة حاليًّا 29 مطارًا، بينها 3 مطارات حاصلة على مراتب عالمية وفقًا لتقرير سكاي تراكس العالمي 2020م، كما صُنفت أربعة مطارات من مطارات المملكة ضمن أفضل 10 مطارات تحسنًا في العالم، وفقًا للتقرير نفسه.
النقل البحري في السعودية
تعزز الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية من قوة أداء النقل البحري للمملكة أيضًا، حيث تستهدف الوصول إلى طاقة استيعابية تزيد على 40 مليون حاوية سنويًّا، مع استثمارات واسعة في مجال تطوير البنى التحتية للموانئ وتعزيز تكاملها مع المناطق اللوجستية في المملكة، وكذلك توسيع ربطها بخطوط الملاحة الدولية.
قطاع السكك الحديدية في السعودية
تشمل مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية قطاع السكك الحديدية، حيث تقدم الخطوط الحديدية خدماتها في قطاع نقل الركاب والبضائع عبر شبكة يبلغ طولها 5,330 كم، من بينها 450 كم في مسار الخط الحديدي لقطار الحرمين السريع بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، الذي يُعد أكبر مشروع للنقل عالي السرعة في المنطقة، كما ستحقق الاستراتيجية زيادة في مجموع أطوال السكك الحديدية المستقبلية تقدر بنحو 8,080 كم تتضمن مشروع "الجسر البري" بطول يتجاوز 1,300 كم وستتجاوز طاقته الاستيعابية 3 ملايين مسافر، وشحن أكثر من 50 مليون طن سنويًّا، بهدف ربط موانئ المملكة على ساحل الخليج العربي بموانئ ساحل البحر الأحمر.
وتستهدف الاستراتيجية تطوير نشاط الخطوط الحديدية السعودية (سار) من خلال تأسيس وتشغيل بنية خطوط حديدية فعالة وآمنة، ونقل 65 مليون مسافر، وشحن 36 مليون طن بحلول عام 2025م، إضافةً إلى زيادة عدد المحطات والخطوط لتصل إلى مناطق جديدة.
النقل البري في السعودية
على صعيد النقل البري والطرق، أصبحت المملكة في المركز الأول عالميًّا في ترابط شبكة طرق تتجاوز 75 ألف كم، ويجري العمل لتكون من الدول المتقدمة دوليًّا على صعيد جودة الطرق وسلامتها، وتستهدف الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية تنفيذ عدد من المبادرات التي تهدف لخفض أعداد ضحايا الحوادث إلى الحد الأدنى، وتحقيق كفاءة الربط وتطوير خدمات النقل العام في المدن السعودية، وتقليل استهلاك الوقود بنسبة 25%، وتوفير حلول ذكية لتسهيل تنقل المسافرين بين المدن، ونقل البضائع وفقًا لأحدث التقنيات المطبقة عالميًّا.
السلامة المرورية في السعودية
تأتي السلامة المرورية وحماية حياة مستخدمي وسائل النقل في مقدمة مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية، وخلال الأعوام الماضية انخفضت الحوادث بنسبة 56%، والوفيات بنسبة 51%، والإصابات بنسبة 30%، مما أسهم في تحقيق عوائد متعددة للمجتمع، وتسعى الاستراتيجية لخفض نسبة الحوادث على الطرق بواقع أكثر من 50%.
تطبيقات النقل في السعودية
واكبت المملكة التطورات التقنية في خدمات النقل من خلال اعتماد تطبيقات طلب الخدمة عبر الإنترنت، حيث يمثل تطبيقا "أوبر" و"كريم" مثالين على تطبيقات الهواتف الذكية لربط مستخدمي الهاتف الذكي بسائقي مركبات الأجرة، وتُعد هذه التطبيقات الشريان الرئيس للتنقل بالنسبة للنساء.
وتمثل مبادرة الاستثمار في شركة أوبر تجسيدًا للاستثمار الدولي للمملكة في الشركات العالمية، حيث استثمر صندوق الاستثمارات العامة مبلغ 3.5 مليارات دولار في شركة (أوبر تكنولوجيز) مقابل حصة 5%، وأصبح لدى الصندوق ممثل في مجلس إدارة أوبر، التي تُعد شركة رائدة في قطاع النقل والتقنية عالميًّا، وهي من السباقين في اقتصاد المشاركة، وحققت نموًّا كبيرًا وأظهرت إمكانات لمتابعة هذا النمو وإحداث تغيير جذري في عالم النقل.
ويُتوقع أن تُسهم الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية في تحقيق العديد من الأهداف المتنوعة في المجالات الأخرى ذات الصلة بالنقل من خلال اعتماد أحدث التقنيات الحديثة لزيادة كفاءة وفعالية وتكامل أنماط النقل، بما يخفض استهلاك الطاقة بنسبة 25%، مع زيادة في حصة النقل العام من إجمالي الرحلات في المدن إلى 15%.
مستقبل النقل في السعودية
في سبيل تطوير قطاع النقل بالمملكة ووضعه في مسار تقني متقدم، تبنت وزارة النقل والخدمات اللوجستية مبادرة لرصد وحصر جميع التقنيات الخاصة بمستقبل النقل حول العالم، بهدف تعزيز تبني تقنيات النقل والخدمات اللوجستية الجديدة في المملكة، ما يعمل على ضمان رؤية مستدامة ومستقبلية نحو تمكين الابتكارات التقنية والذكاء الاصطناعي في قطاع النقل والخدمات اللوجستية من خلال وحدة متخصصة.
وتعمل الوزارة على تحقيق عدد من الأهداف التي تتوافق مع مستقبل النقل وتطور تقنياته، ويشمل ذلك: التعاون مع مراكز الأبحاث والمؤسسات التعليمية، وتتبع التقنيات الجديدة في مجال النقل والخدمات اللوجستية، والتعاون مع القطاع الخاص ودعم الاتفاقيات الدولية، وإنشاء مستودع البيانات الضخمة، والريادة في الابتكار والإبداع من خلال التعاون ومشاركة المعرفة والبيانات مع الجهات المعنية، وتمكين دراسات الجدوى لتقنيات النقل المستقبلية.
الاستراتيجية الوطنية للنقل في السعودية
تمثل الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية رؤيةً متقدمةً للاستراتيجية الوطنية للنقل التي سبق أن أعدتها وزارة النقل، وصدر قرار مجلس الوزراء عام 1433هـ بالموافقة عليها، وتتضمن سياسات تُعد أسسًا إرشادية لكافة مجالات برامجها، وتتناول: المسؤولية المشتركة لمواكبة تنمية وتطوير قطاع النقل، واللامركزية ومشاركة القطاع الخاص، والتكامل الإقليمي والدولي والمشاركة في الأسواق العالمية، والتطوير والتشغيل المتكاملين للبنية التحتية للنقل.
المصادر
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة