النقل المائي في السعودية، هو أحد قطاعات الخدمات اللوجستية في المملكة العربية السعودية، يختص بنقل البضائع والركاب عبر سواحل المملكة، في رحلات بحرية داخلية وأخرى بين المملكة وبلدان العالم، بالاعتماد على وسائل نقل متعددة تعرف بالمركبات المائية وتختلف فيما بينها بحسب الأدوار المنوطة بها، وفق نظام بحري يشمل السفن السعودية والسفن الأجنبية التي ترسو في موانئ المملكة أو مناطقها البحرية. تُعرف السفن السعودية التجارية بعلم المملكة المرفوع على متنها، الأمر الذي يعد شرطًا أساسيًّا لمزاولة الأنشطة البحرية التجارية.
نظام النقل المائي في السعودية
يقوم قطاع النقل المائي في السعودية على أساس قواعد الملاحة الدولية، وتعد الموانئ والمرافئ والمنائر البحرية مراكز الاتصال البحري الرئيسة في المملكة، وهي حق عام بجميع مرافقها ويحق للجمهور الاستفادة منها ومباشرة النشاط البحري من خلالها وفقا للأنظمة المعمول بها، ولا يمكن لأي مركبة مائية مغادرة المحطات البحرية دون تسجيل جميع المعلومات المتعلقة بها.
وتشرف وزارة النقل والخدمات اللوجستية على قطاع النقل المائي في المملكة، وتشترك في بعض أدوارها مع الهيئة العامة للموانئ، وتتلخص مهامها في تنظيم نشاط النقل المائي، وضمان سلامة تشغيل مرافقه، وتوفير الميزانيات والموارد العامة، وإدارة وتنظيم وتطوير التكنولوجيا لجميع أشكال النقل المائي، ووضع السياسات لبناء المشاريع البحرية، واعتماد وتطبيق الاتفاقيات الدولية بشأن ما يتعلق بنشاط النقل البحري.
النطاق الجغرافي للنقل المائي في السعودية
يُعد النطاق الجغرافي للنقل المائي في السعودية واسع النطاق، إذ يبلغ طول حدودها البحرية نحو 3,800 كم،وتنطلق مسارات النقل المائي من خمس مناطق إدارية مطلة على المسطحات المائية في المملكة، وهي مناطق تبوك ومكة المكرمة وعسير وجازان إلى جانب المنطقة الشرقية، حيث تتوزع الموانئ والمرافئ على طول سواحل هذه المناطق.
ويبلغ مجموع الجزر التابعة للمملكة 1,285 جزيرة على البحر الأحمر وخليج العقبة والخليج العربي، من بينها 6 جزر مأهولة بالسكان، وهي جزر فرسان الكبير وسجيد وقُماح وهي من جُزر أرخبيل فرسان في البحر الأحمر، وجزر تاروت وأبو علي وقُنة في الخليج العربي، وهي مراكز سكانية يمكن الوصول إليها عبر محطات عبَّارات النقل العام التي توفرها المدن الرئيسة الواقعة على الساحل.
ومواكبة لتطوير قطاع النقل البحري، انضمت الناقلتان البحريتان "سارة" و"حصة" في عام 1443هـ/2022م إلى الأسطول البحري السعودي، ليصبح إجمالي السفن الوطنية التي تحمل علم المملكة 426 سفينة تزيد حمولتها الطّنيّة عن 13.5 مليون طن. ويزيد عدد البحارة السعوديين على 2100 بحار.
الأهمية الاقتصادية للنقل المائي
انعكس طول السواحل البحرية للسعودية على أهمية النقل المائي، ودوره في التنمية الاقتصادية، حيث تشكل الممرات المائية قنوات مهمة ورئيسة في حركة التجارة العالمية، إذ تربط في مواقعها بين قارات العالم الثلاث.
وتمتلك المملكة 13 ميناء على البحر الأحمر والخليج العربي تتمثل في ميناء جدة الإسلامي، وميناء الملك عبدالعزيز، وميناء الملك عبدالله، وميناء الملك فهد الصناعي بالجبيل، وميناء ينبع التجاري، وميناء الملك فهد الصناعي بينبع، وميناء الجبيل التجاري، وميناء جازان، وميناء ضبا، وميناء رأس الخير، وميناء رأس تنورة، وميناء الخفجي، وميناء جازان للصناعات الأساسية والتحويلية، وتمر من خلالها 13% من حجم التجارة العالمية، كما تسهم هذه الموانئ في مرور 70% من واردات المملكة، و95% من صادراتها، عبر 291 رصيفًا، بطاقة استيعابية تقدر بـ 1.1 مليار طن وزني، وبمقدار 20 مليون حاوية.
وشبكة النقل المائي في المملكة مهيأة لأغراض التجارة والسفر والترفيه، ويُعد النقل البحري التجاري الأكثر نشاطًا، إذ إن موانئ المملكة وثيقة الارتباط بالأسواق العالمية، كونها تقع بين طرق الملاحة العالمية، ويمر عبرها ثلث شحنات النفط في العالم، ونحو 13% من إجمالي التجارة العالمية سنويًّا، وتستقبل 13 ألف سفينة سنويًّا من أنحاء العالم.
أنظمة النقل المائي في السعودية
تنطلق المركبات المائية من شبكة الموانئ والمرافئ والمنائر المخصصة لنقل البضائع والركاب، وترسو بها، ولامتلاك مركبة مائية في السعودية يتطلب الأمر إصدار وثيقة من وزارة النقل تثبت ملكية المركبة لصاحبها، وصلاحيتها للعمل والإبحار وفق الشروط التي تضعها الوزارة، وبعد أن تتخذ كل وسيلة نقل تسمية خاصة يضعها مالك المركبة وتميزها عن مثيلاتها، وهي شروط تشمل قوارب الصيد والنزهة، والرافعات والحفارات، وسفن نقل البضائع.
ويُعد النقل البحري المدني المقتصر على الرحلات البحرية الداخلية والقصيرة نوعًا من النشاطات البحرية التي لا تنطبق عليها أنظمة وشروط النقل البحري التجاري الدولية، وتستخدم وسائل نقل يشترط فيها عدم الإبحار خارج مناطق المملكة البحرية، وتسيِّرها سفن لا يتجاوز طولها 24م، وتشمل أيضًا سفن الصيد التي تقل طاقتها الاستيعابية عن 30 طنًّا، ولا يتجاوز طولها 20م، وسفن النزهة والغوص ذات حمولة أقل من 10 أطنان، وطول لا يزيد على 11م، إضافةً إلى السفن بدائية البناء والسفن الشراعية، والوحدات البحرية غير ذاتية الدفع، والمنشآت المائية العائمة التي تعمل داخل الموانئ.
الرحلات البحرية والسياحة
برزت السياحة الداخلية في المناطق الساحلية كمقصد سياحي في المملكة، ولم يعد يقتصر دور النقل المائي على الترحال والتجارة، وأصبحت الرحلات البحرية جزءًا من صناعة السياحة.
وانطلاقًا من عام 2020م، ظهر نوع آخر من الرحلات البحرية، حيث بدأت المملكة تنظيم رحلات الكروز ضمن برنامج صيف السعودية، وهي رحلات شاطئية تستخدم سفنًا سياحية ضخمة، مخصصة للنقل الترفيهي، تضم غرفًا فندقية ومطاعمَ وساحاتٍ للعروض، يقضي السائح بها وقتًا محددًا في الإبحار والتنقل بين المناطق الداخلية والعالمية، مع أنشطة سياحية داخل السفينة وسط البحر. بدأت أولى الرحلات من هذا النوع في المملكة من ميناء مدينة الملك عبدالله الاقتصادية في مدينة رابغ المطلة على البحر الأحمر، في رحلة لاستكشاف الجزر والحياة البحرية البكر في المملكة.
النقل البحري في الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية
يُعد قطاع النقل المائي جزءًا من منظومة الخدمات اللوجستية في السعودية، والتي تُعد بدورها محورًا رئيسًا في تحقيق رؤية السعودية 2030، وتغطي مناطق النقل اللوجستي المائي نطاقًا واسعًا في المملكة، وتستحوذ على جزء كبير من مواقع المشاريع الكبرى في رؤية السعودية 2030، وهي مشاريع تعتمد بالدرجة الأولى على خطط تطوير البني التحتية وجودة الحياة البحرية، أعلنت من خلالها المملكة عن تبني استراتيجية جديدة للنقل في المملكة تُعرف بالاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية، تضمن حوكمة قطاع الموانئ في المملكة، من خلال إدخال التقنيات الذكية وأتمتة شبكات الموانئ والبنى التحتية البحرية اللوجستية، ورفع الطاقة الاستيعابية للموانئ لتزيد على 40 مليون حاوية سنويًّا، وتعزيز ربطها مع خطوط الملاحة الدولية، ودعم تكاملها مع المراكز اللوجستية الأخرى في المملكة.
وأسهم تطوير خدمات النقل البحري في رفع مستوى الأداء بالموانئ، ونتيجة لذلك ارتفع التصنيف الدولي لأداء شبكة الموانئ السعودية في عام 1443هـ/2022م إلى المركز السادس عشر من حيث حجم كميات المناولة ضمن تقرير (Lloyd's List) السنوي، وصُنفت ثلاثة موانئ سعودية ضمن قائمة أكبر 100 ميناء بالعالم وهي: ميناء جدة الإسلامي الذي حصد المركز 37 عالميًّا، وميناء الملك عبدالله الذي حاز المركز 84 عالميًّا، وميناء الملك عبدالعزيز الذي جاء في المركز 93 عالميًّا.
وحققت المملكة ممثلة في الهيئة العامة للموانئ "موانئ" تقدمًا في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية، ضمن تقرير الأونكتاد للربع الرابع 2023م، الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، بتسجيل 79.01 نقطة، وهو تقدم يسهم في تحقيق مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية.
ويأتي هذا الإنجاز نتيجة عدة عوامل، منها: إضافة 28 خدمة شحن ملاحية جديدة خلال 2023م مع كبرى الخطوط الملاحية العالمية، والتقدم النوعي في مناولة الحاويات ضمن تصنيف " 2023Lloyd's List" العالمي لكميات مناولة الحاويات، لأكبر 100 ميناء بالعالم، بعد أن قفزت المملكة من المرتبة 24 إلى المرتبة 16 دوليًا في مناولة أعداد الحاويات، بالإضافة إلى تقدم المملكة 17 مرتبة عالميًا بالمؤشر اللوجستي الصادر عن البنك الدولي ، حيث تقدمت إلى المرتبة 38 من بين 160 دولة في الترتيب الدولي بمؤشر الكفاءة اللوجستية.
المصادر
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة