البطالة في السعودية، هي إحدى التحديات التي أحرزت حكومة المملكة العربية السعودية تقدمًا في مكافحتها من خلال مبادرات متعددة لتوطين الوظائف وعمليات الإحلال في مختلف القطاعات. بدأت السعودية جهودها في هذا الشأن منذ عام 1975م من خلال العمل على تطبيق السعودة، إذ ركزت على ذلك عبر الخطط الخمسية، بعد تزايد معدلها بين السعوديين.
واكبت رؤية السعودية 2030 ذلك من خلال العمل على زيادة معدلات التوظيف واستهداف تخفيض معدل البطالة إلى 7% أو أقل، لتوفير الوظائف لعدد أكبر من الشباب السعوديين، إضافة إلى تعزيز مشاركة المرأة في سوق العمل ودعم أصحاب العمل في القطاع الخاص والقطاع غير الربحي لتوليد فرص مستدامة وتطوير مهارات القوى العاملة الضرورية لسوق العمل.
وأثمرت حزمة التشريعات الاقتصادية الداعمة لسوق العمل السعودي وجهود وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، في تحقيق انخفاض تاريخي لمعدل البطالة الإجمالي للسعوديين في الربع الأول من عام 2024م، إذ بلغت 7.6%، وهو ما يعكس إمكانية الوصول بمعدل البطالة إلى المعدل المستهدف 7% قبل عام 2030م.
جهود السعودية في مكافحة البطالة
حرصت المملكة من خلال خطة التنمية الثامنة على تنمية الموارد البشرية، بصفتها ركيزة أساسية للتنمية الشاملة، من خلال رفع معدلات المشاركة الكلية للقوى العاملة الوطنية، والارتقاء المستمر بمهاراتها وتنمية قدراتها وتوفير فرص العمل المجزي لها، خاصة في أنشطة القطاع الخاص.
وركزت خطة التنمية التاسعة من خلال توجهاتها لتحقيق تنمية متوازنة بين مناطق المملكة، على الاستمرار في تحسين مستوى معيشة المواطنين والارتقاء بنوعية حياتهم، وتقليص معدلات البطالة، كما عملت على تنمية القدرات الإنتاجية والإبداعية للمواطنين، وتوفير فرص العمل المجزي لهم، وتوسيع مشاركتهم في الأنشطة الاقتصادية المختلفة.
وكالة لتوطين الوظائف في القطاع الخاص
في إطار تطوير أنظمة الحد من البطالة وتوطين الوظائف، صدر في عام 1439هـ/2018م قرار مجلس الوزراء بإنشاء وكالة في وزارة العمل والتنمية الاجتماعية تُعنى بشؤون توظيف السعوديين في القطاع الخاص تتولى اختصاصات ومهام هيئة توليد الوظائف ومكافحة البطالة التي أُلغيت.
وتعمل وكالة التوطين بوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية على تقديم برامج التوطين للأنشطة والقطاعات الاقتصادية الجاذبة للسعوديين، ودعم زيادة مشاركتهم في سوق العمل بما يتوافق مع مؤهلاتهم ويتناسب مع الميزة التنافسية لكل قطاع أو منطقة، وبما يسهم في توفير مزيد من فرص العمل القيمة للمواطنين.
كما تعمل الوكالة بمنهجية تُسهم في توفير فرص العمل وذلك من خلال أداء عدد من المهام، منها: الإشراف على دراسة الأنشطة المستهدفة بالتوطين، وبحث ودراسة الموضوعات والتحديات التي تواجه استحداث الوظائف في المشاريع الحكومية ومشاريع القطاع الخاص، واقتراح الخطط والسياسات المتعلقة بتوظيف السعوديين وتوطين الوظائف في القطاع الخاص، إلى جانب الإشراف على تصميم وتطوير وتنفيذ برامج التوطين في القطاعات والمناطق.
برامج رؤية السعودية 2030 في مكافحة البطالة
أدَّى تنفيذ برامج رؤية السعودية 2030 إلى تسريع الجهود من أجل مزيد من عمليات تطوير قدرات الموارد البشرية الوطنية، وتوفير فرص العمل الناتجة عن المشاريع المتعددة إلى وضع هدف بتخفيض معدل البطالة من 11.6% في عام 2017م إلى 7% بحلول عام 2030م.
وأفردت السعودية مساحات تشريعية لتوظيف المرأة وتقليل البطالة وسط هذه الشريحة، فصدر عدد من القرارات ذات الصلة بعمل المرأة، ويُعد القرار رقم 120 الصادر عام 1425هـ، بقصر العمل في محلات بيع المستلزمات النسائية على المرأة، هو الأساس التشريعي والقانوني لعمل المرأة السعودية، وعمل تفعيله على تمهيد الطريق للمشاركة الفعلية للمرأة السعودية في العملية التنموية.
مبادرات مكافحة البطالة في السعودية
واصلت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تنظيم سوق العمل وتوفير مزيد من الفرص الوظيفية للمواطنين، مع توطين عدد من المهن بنسب تتناسب مع الحاجة إلى توظيف السعوديين، ومن ذلك صدور القرار الوزاري بتوطين المهن الهندسية في المنشآت بنسبة 20%، في عام 1442هـ/2020م.
وامتدت عملية التوطين إلى عدد من المهن التي يمكن أن يشغلها سعوديون، فصدر في عام 1442هـ/2020م القرار الوزاري بتوطين المهن المحاسبية في القطاع الخاص التي يعمل بها 5 عاملين فأكثر من ذوي المهن المحاسبية بنسبة 30%، مستهدفًا توفير أكثر من 9,800 فرصة وظيفية.
وتواصلت عمليات توطين المهن في القطاع الخاص واستهدفت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في عام 1444هـ/2022م، نحو 11 قرارًا جديدًا للتوطين قبل نهاية 2022م، شملت مهن: إدارة المشاريع، ومهن المشتريات، ومهن قطاع الغذاء والدواء، وأسهمت قرارات التوطين للقطاعات والأنشطة والمهن في ارتفاع عدد السعوديين العاملين بالقطاع الخاص إلى أكثر من 2.13 مليون مواطن ومواطنة، وخفض معدل بطالة السعوديين إلى 9.7%، وارتفاع معدل المشاركة الاقتصادية للمرأة إلى 35.6%.
بيانات البطالة في السعودية
أظهرت نشرة سوق العمل للربع الأول من عام 2024م الصادرة عن الهيئة العامة للاحصاء في السعودية، نتائج إيجابية في مؤشرات عدد العاملين ومعدّل البطالة بين السعوديين، ومستويات المشاركة الاقتصادية لإجمالي السكان والسعوديين. وتعكس النتائج استمرار سوق العمل السعودي في التوسع من خلال استقطاب الكوادر الوطنية، وتحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030 في التحول الاقتصادي المنشود من خلال دعم مشاركة المواطنين السعوديين في سوق العمل.
واستقر معدَّل البطالة لإجمالي السكان عند 3.5% في الربع الأول 2024م، وتحقق انخفاض تاريخي لمعدل البطالة الإجمالي للسعوديين، وصل إلى 7.6% بانخفاض 0.2 نقطة مئوية عن الربع الرابع 2023م والبالغ 7.8%، كما وصل عدد العاملين السعوديين في القطاع الخاص إلى رقم قياسي جديد، بلغ 2,363,194 سعوديًّا وسعودية.
وأظهرت نتائج نشرة سوق العمل ارتفاع معدَّل مشاركة إجمالي السعوديين في القوى العاملة في الربع الأول 2024م، حيث بلغ 51.4% مقارنة بـ 50.4% في الربع السابق، وارتفع معدل المشاركة في القوى العاملة للسعوديات في ذات الربع إلى 35.8%، مقارنة بـ35.0% في الربع الرابع 2023م، كما ارتفاع معدل المشاركة في القوى العاملة للسعوديين الذكور إلى 66.4% مقارنةً بـ65.4% في الربع الرابع من عام 2023م.
واستفاد نحو 1.1 مليون سعودي وسعودية من البرامج التي يقدمها صندوق تنمية الموارد البشرية والموجهة لدعم تدريب وتوظيف وتمكين الكوادر الوطنية، فيما تجاوزت مصروفات الدعم المقدمة من الصندوق لتمكين السعوديين 2.13 مليار ريال، خلال الربع الأول من عام 2024م.
ارتفاع ثقة السعوديين في اقتصادهم
أسهم تراجع نسب البطالة وتوفر الوظائف في ارتفاع ثقة السعوديين في اقتصادهم، حيث حافظوا على صدارة شعوب العالم في الثقة بالتوجهات الاقتصادية لدولتهم طوال أربعة أشهر متتالية للفترة من أبريل إلى يوليو 2022م، وفقًا لاستبيان أجرته شركة الأبحاث العالمية Ipsos، وحلت المملكة أولًا في المؤشر الذي يضم 27 دولة بنسبة ثقة لامست 93% بتفوق يزيد على المُعدل العالمي (32%) بـ61 نقطة.
وعززت تلك النتائج في سياسات المملكة الاقتصادية، تقدم السعودية خلال عامين سابقين على التوالي، في مؤشر إيدلمان للثقة، حيث احتلت عام 2021م صدارة المؤشر الذي يغطي 28 دولة حول العالم، بارتفاع مستويات الثقة في أداء حكومة المملكة من 78% في يناير 2020م إلى 82% في يناير 2021م، مضيفةً إلى رصيدها 4 نقاط مئوية أهّلتها لتكون في صدارة الدول التي شملها المؤشر كأعلى حكومة في العالم ثقةً في أدائها.
المصادر
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة