مدينة بقيق، هي مركز محافظة بقيق التابعة للمنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية، كانت تحمل اسم "بعلاة أبا القعدان"، وحملت اسمها الحالي بعد اكتشاف النفط فيها، ويعود سبب تسميتها إلى منطقة "بقة"، شمال مدينة بقيق الحالية، وهي منبع ماء، إذ يبق الماء منها، أي ينبع، لذا سميت "بقة". تبعد بقيق عن مدينة الدمام 75 كم جنوبًا، وتتوسط المسافة بين الدمام والأحساء.
تشهد مدينة بقيق كمركز للمحافظة نموًّا عمرانيًّا متسارعًّا، إذ يبلغ عدد سكان محافظة بقيق والقرى والهجر التابعة لها نحو 64,632 نسمة طبقا لتعداد السعودية 2022، وذلك لوجود صناعة نفطية نشطة فيها، كما يوجد فيها مصنع للأسمنت، وآخر للطابوق، وثالث للجير. وتتبع لها محطة توليد الطاقة الكهربائية في سبخة رأس القرية.
وتضم مدينة بقيق أكبر منشأة للنفط الخام في العالم، وفيها حقل بقيق الذي أدّى دورًا مهمًّا في نمو أرامكو السعودية في الأعوام الأولى بعد الحرب العالمية الثانية، إذ كان إنتاج الشركة حتى عام 1950م يستخرج من ثلاثة حقول، هي: الدمام والقطيف وبقيق.
قصة اكتشاف النفط في بقيق
تعود قصة اكتشاف النفط في مدينة بقيق وتطورها فيما بعد إلى جهود كبير الجيولوجيين، ماكس ستاينكي، الذي قاد في عام 1940م فرقًا لدراسة أحد المرتفعات في منطقة بقيق، وذلك خلال أعمال الحفر في قبة الدمام، واستخدم ستاينكي ومعه ج. و. سوك هوفر وجيري هاريس مخيم الجوف قاعدة لأعمالهم التي بدأت في عام 1936م.
وفي أغسطس 1940م بدأ حفر البئر رقم (1) في مدينة بقيق، التي تدفقت بالنفط في أوائل عام 1941م، بعد الحفر إلى عمق 5,900 قدم، ووصل عمق الحفر في النهاية إلى 6,180 قدمًا، وكان أول إنتاج للبئر من النفط نحو 9,720 برميلًا في اليوم.
استمرت أعمال الاستكشاف والتنقيب، لتسفِرَ عن إنجاز البئر رقم (2) في عام 1942م، ثم في يناير 1943م أنجزت البئر الثالثة، لتوفر الآبار الثلاثة ما يكفي من الاحتياطيات الثابتة ليجعل أرامكو السعودية شركة نفط كبرى.
وتصاعدت الأعمال الإنتاجية في الحقل، لينتج في عام 1946م نحو 60 مليون برميل، وفي العام التالي زاد إنتاجه بنسبة 50%، وفي عام 1948م ارتفع الإنتاج بنسبة كبيرة بلغت 60% تقريبًا، إذ وصل إلى أكثر من 140 مليون برميل، ثم اكتشف النفط في شمال بقيق، واعتقدت شركة أرامكو السعودية في بادئ الأمر أن ما اكتشفته حقل مستقل وأسمته البقة، ثم تبيَّن في عام 1948م أنه امتداد لحقل بقيق.
إنشاء المرافق النفطية الكبرى في بقيق
أسهمت الاكتشافات الكبيرة في جعل مدينة بقيق تنمو بصورة متسارعة، ونشأت فيها المرافق النفطية الكبيرة، وذلك لأن نحو 60% من النفط الذي تنتجه أرامكو السعودية يمر بمدينة بقيق، فإنتاج حقول النفط في المنطقة الجنوبية ينقل بالأنابيب إلى بقيق، وإضافة إلى مناولة النفط الخام المستخرج من هذه الحقول، تجري كذلك معالجة جزء من الغاز المرافق لإنتاج المنطقة الجنوبية في معامل سوائل الغاز الطبيعي في بقيق.
ظلَّت مدينة بقيق مركزًا لأغلب مرافق معالجة النفط الخام ومنشآته في أرامكو السعودية بسبب الاكتشافات التي اكتشفت فيها، وفي عام 1950م ضاعفت الشركة عدد خطوط أنابيبها بإنشاء 480 كم من خطوط الأنابيب التي يتجه معظمها من آبار الإنتاج ومعامل فرز الغاز من النفط إلى بقيق، لإزالة غاز كبريتيد الهيدروجين وغيره من الغازات الطيَّارة في مرافق التركيز، ويضخ النفط المركَّز "الحلو" بعد تركيزه إلى صهاريج التخزين في محطة رأس تنورة، حيث تحمله ناقلات النفط أو يضخ عبر خط الأنابيب إلى القيصومة، وهي أولى محطات الضخ على التابلاين، أو ينقل من الخبر إلى مصفاة شركة بابكو في البحرين عبر خط الأنابيب الممدود تحت الماء الذي أنشئ عام 1945م بطاقة 40 ألف برميل في اليوم، وكان آنذاك أطول خط أنابيب تحت الماء في العالم.
واصلت شركة أرامكو السعودية تحسين العمليات التشغيلية في مجمع بقيق، وأنجزت في عام 1986م ضمن جهودها للحد من حرق الغاز الطبيعي نظامًا لحرق الغاز في بقيق، أدَّى إلى خفض كبير في كميات الغاز المحروق في تلك المنشآت.
مدينة الملك سلمان للطاقة "سبارك" في بقيق
تقع مدينة الملك سلمان للطاقة "سبارك"، بالقرب من مدينة بقيق، وتبعد 40 كم عن شركة أرامكو السعودية، وتمتد على مساحة 50 مليون م2.وافتتحت المدينة عام 1439هـ/ 2018م، لتكون مركزًا عالميًّا لقطاع الطاقة النظيفة والمستدامة، يوفر مجموعة من الحلول لدعم الشركات في السعودية، وتشجع المدينة على استخدام تقنيات الطاقة النظيفة، كما تضم منطقة لوجستية، وميناءً جافًا، مما يساعد على تسهيل الحركة للبضائع داخل وخارج المدينة.
وتهدف "سبارك" للمساهمة في تنويع مصادر الدخل في السعودية، وتحسين أمن وتكلفة سلاسل توريد وإمداد الطاقة الحيوية، وتمكين قطاعات جديدة تسهم في تحول قطاع الطاقة ورقمنة الصناعة.
أكاديمية الحفر العربية السعودية "صدى" في بقيق
شهدت مدينة بقيق، عام 1437هـ/2016م، افتتاح أكاديمية الحفر العربية السعودية "صدى"، بمبادرة من شركة أرامكو السعودية والمؤسسة العامة للتدريب المهني والتقني، وبدعم من 34 شركة حفر محلية وعالمية. وتخدم الأكاديمية صناعة الحفر وصيانة الآبار. وتهدف لتدريب نحو 90 ألف مواطن خلال العقدين المقبلين، لتلبية الحاجة إلى الأيدي العاملة، عبر تدريب أكثر من أربعة آلاف شاب سنويًّا.
بلدية بقيق
تقدم بلدية بقيق الخدمات البلدية للمستفيدين في مجال إصدار الرخص المهنية، والشهادات الصحية، ورخص المحال، ورخص الحفريات، ورخص البناء، وتنظيم الرقابة الميدانية على النظافة، والبناء، والأسواق التجارية، والمواد الغذائية، وأعمال الوقاية الصحية، وحماية المناطق الخضراء، وصيانة المرافق البلدية والجمالية، والتشجير.
مهرجان سفاري بقيق
هو مهرجان ترفيهي تثقيفي، يحاكي البيئة الصحراوية التي تتمتع بها مدينة بقيق، يقام سنويًّا في فصل الشتاء، وتنظمه لجنة التنمية السياحية في محافظة بقيق، وبلدية المحافظة والبلديات التابعة لأمانة المنطقة الشرقية، بمشاركة جهات حكومية وأمنية في المحافظة.ويهدف لوضع اسم بقيق على خريطة المواقع السياحية في السعودية. أقيمت نسخته الأولى عام 1438هـ/2016م. ويتضمن المهرجان فعاليات عدة، منها رحلات سفاري على ظهور الإبل، تصاحبها أهازيج شعبية، ومضارب لتجربة ركوب الإبل والخيول، وكذلك الصيد بالصقور، وملتقى السيارات التراثية، وأمسيات شعرية، وعروض مسرحية.
وتقدِّم الأسر المنتجة في السوق الشعبية بالمهرجان منتجات الصحراء والمنتجات التراثية. كما تقام مسابقة الاستعراض اليومي للهجَّانة، ومسابقات تنافس الفرسان على الخيل العربية الأصيلة، ومنافسات تقليدية أخرى، وتقدم فرق متخصصة في الفلكلور الشعبي فقرات تحكي قصص الأجداد والموروث الشعبي، إضافة إلى مواقع للحرف اليدوية والألعاب الشعبية، وموقع مخصص لفرق العود والربابة.
ومن ضمن فعاليات مهرجان سفاري بقيق حي البادية، وسوق الصحراء، والطيران الشراعي عبر الصحراء، وبطولة التقاط الأوتاد، وواحة أصدقاء البيئة، وخيمة الراوي، وخيمة الآثار القديمة، ومسابقة التصوير الفوتوغرافي في الصحراء، ومسابقة أفضل منتج يدوي من أعمال السدو، ومسابقة الفن التشكيلي لحياة الصحراء، ومسابقة قصاص الأثر، ومسابقة أجمل خيمة صحراوية، ومسابقة أجمل فلكور للفرق المشاركة، واستعراض الخيل العربي الأصيل.
ويوفر مهرجان سفاري بقيق حياة الصحراء بتفاصيلها وملامحها القديمة، عبر التخييم في الصحراء، وقضاء أوقات من الهدوء فوق الرمال، وبين الأودية والتلال. وتتسابق الأسر السعودية والخليجية على حجز الخيام للاستمتاع بالأجواء الصحراوية.
محمية طبيعة في بقيق
شهدت مدينة بقيق في عام 1442هـ/2020م، افتتاح جنَّة بقيق ومحمية الطبيعة، وهما مبادرتان بيئتان نفذتهما شركة أرامكو السعودية في الأحياء السكنية التابعة لها في بقيق، بهدف تطوير البيئة، وتعزيز الوعي البيئي، وتحسين جودة الحياة. وتمثِّل جنَّة بقيق موئلًا طبيعيًا للطيور والنباتات والزهور، وتحتوي على مساحات مائية تعيش فيها الأسماك والسلاحف.
وتحتوي جنة بقيق على ممشى الضوء، وهو معبر بطول 60 م، مضاءٌ بصفوف من أنوار "ليد"، يؤدي إلى حديقة الحمضيات، التي تضم أشجار الليمون والبرتقال. إضافة إلى حديقة البجع، وهي بحيرة مائية تؤوي طيور البجع والبط والإوز. ويضم ممشى الزهور، أكثر من 4500 زهرة موسمية، وتحفُّ به الأشجار المتنوعة.
وتؤوي حديقة الطيور، أكثر من 1500 طير، منها: العصفور الذهبي، والقمري الغرابي، وحمام الفاكهة، والحمام القوقسي، وطائر الحباك، والقطا، وعصفور الزيبرا، واليمام الماسي، والسمان، والطاووس. وتحتوي بحيرة الفلامينجو على أسماك وكائنات بحرية، مثل السلاحف والضفادع. وتؤوي محمية الطبيعة غزال الريم، والنعام المحلي، وأكثر من 2000 شجرة صحراوية محلية.
الاختبارات ذات الصلة