الآثار في منطقة الحدود الشمالية

الآثار في منطقة الحدود الشمالية، هي البقايا المادية وتَرِكات الحضارات الإنسانية القديمة في منطقة الحدود الشمالية بالمملكة العربية السعودية.

وثقت فرق البحث الميداني وجود آثار تعود لعصور ما قبل التاريخ، وهي الفترات القديمة التي لم تكن الكتابة فيها موجودة، واستعان الإنسان خلالها بالأدوات الحجرية في معيشته، في أماكن عدة بمنطقة الحدود الشمالية، أحدها عند أعلى قمة مرتفع جبلي على بعد 66 كم شمال شرق وادي عرعر، تنتشر فيه المنشآت والأدوات الحجرية التي يقدر عمرها بنحو 5500 سنة ق.م، وموقع آخر في الوادي مكون من ركام حجري، وبقايا جدران، ترجع إلى العصر الحجري الحديث.

وفي شمال شرق منفذ جديدة عرعر الحدودي مع دولة العراق، يوجد موقع بقايا مبان حجرية، وركام وأدوات حجرية، تظهر عند ضفة الوادي، تنتمي إلى العصر الحجري الحديث، وآخر في شعيب عرعر، مؤلف من دائرتين حجريتين متداخلتين على تل مرتفع، تحتوي على بعض الحجارة المنصوبة طوليًّا، يعتقد أنها تعود للحجر الحديدي، وموقع ثالث قرب وادي اللويزية، عبارة عن دوائر حجرية بقربها مقبرتان على مرتفع غرب الوادي، عثر فيه على رقائق حجرية ومكاشط من العصر الحجري الحديث.

ويظهر عند وادي الشاطئ، موقع مكون من دائرة حجرية كبيرة من الحجارة السوداء، وموقع آخر يضم دائرة حجرية تحتوي على مجموعة كبيرة من الرقائق الحجرية، استخدم على الأرجح كمساحة لصنع الأدوات الحجرية.

وفي وادي بدنة شمال محافظة عرعر، وجدت مجموعة من المنشآت الحجرية، تشمل مقابر وركامات وأدوات من الحجر، وموقع آخر تنتشر على سطحه حجارة سوداء يضم العديد من الأساسات الحجرية والمقابر تعود إلى سنة 5500 سنة ق.م تقريبًا.

واكتشف قرب مركز لينة موقع يرجع تاريخه لما بين عام 7500 ق.م - 6500 ق.م، مكون من منشآت حجرية، تشمل دوائر حجرية وأساسات جدران وبعض الأدوات.

وعثر ضمن موقع في وادي الخشيبي على أدوات حجرية وكسر فخارية ترجع للألف السادس قبل الميلاد، ومنشآت حجرية من الفترة الإسلامية.

وضمن موقع قرب وادي بدينة، أُنشئت دائرة حجرية متوسطة من الحجارة البيضاء، ومجموعة دوائر من الحجارة السوداء على مرتفع، وفي موقع دوقرة اكتشفت أدوات صيوانية من أنصال حجرية ومكاشط ومثاقب ورؤوس سهام.

بقايا قصر دوقرة الأثري جنوب غرب مدينة طريف في منطقة الحدود الشمالية. (واس)

عثر على نقوش صفائية، تعود لفترة ما قبل الإسلام في وادي الشاطئ بمنطقة الحدود الشمالية، حيث وُجد نقشان وثلاثة وسوم، ورسوم صخرية لخمسة حيوانات وشكل آدمي، محفورة على الصخور السوداء البازلتية، وموقع آخر لخمسة نقوش صفائية، ونقشين كوفيين، وسبعة وسوم.

وعند وادي الغرابة، اكتشف موقع به نقش صفائي، ورسوم ووسوم على مرتفع يشرف على الوادي، ودوائر حجرية مليئة بالصخور السوداء تقع بمواجهة الوادي. 

وعثر على مجموعة نقوش صفائية موزعة على 12 صخرة غرب بدنة، ومجموعة أخرى من 11 نقشًا صخريًّا، تعود لعصر ما قبل الإسلام.

وتضم آثار موقع دوقرة شمال غرب محافظة طريف، عند جبل أقرن، مجموعة من الدوائر والأدوات الحجرية، وأساسات قصر دوقرة مربع الشكل، بطول يبلغ 42.5م لكل ضلع، مشيد من الأحجار البركانية الكبيرة المشذبة، بأسلوب بناء رُوعي فيه استقامة المداميك وتناسقها وقوتها، مربوطة بمونة طينية، ويصل سمك الجدار الخارجي 1.30م، أما الجدران الداخلية فتبلغ سماكتها 0.8م، وللقصر بوابة، وفناءان، و7 غرف عرض كل منها 4.5م وبأطوال 4.7م -5.7م، ولكل منها باب منفصل، وتتصل الغرف ببعضها بأبواب عرضها 1م.

يمر درب زبيدة (طريق الحج الكوفي)، وهو أحد طرق الحج التاريخية، عبر منطقة الحدود الشمالية بالسعودية، يصل ما بين الكوفة ومكة المكرمة، وبه توجد الأعلام التي نصبت كإشارات دالة على الطريق، منها علم قرب قرية زبالا، و8 أعلام في محطة النقرة، ومجموعة من محطات الحجاج سابقًا، تضم بركًا وآبار مياه وأحواضًا وقنوات وبعض المنشآت المعمارية.

ويضم موقع الشاحوف (الرضم) في منطقة الحدود الشمالية جزأين، يفصلهما وادي الشاحوف، وفي الموقع بركة دائرية بدرج مزدوج، وبناء مستطيل به 3 غرف مليسة من الداخل، وبقايا جدران مهدمة لبناء مستطيل كبير به صفان من الغرف، بالإضافة إلى مبان صغيرة موزعة ضمن الموقع.

ويعد موقع زبالا من محطات الحج البارزة على درب زبيدة، اشتهر بوفرة مياهه وكثرة منشآته وأسواقه، وتنتشر على سطحه كسر الفخار والزجاج وأساسات معمارية قديمة، مع اثنين من أعلام الطريق، ويظهر في الموقع حصن زبالا مربع الشكل، يصل طول ضلعه إلى 35 م، زوّد بأبراج دائرية عند أركانه الأربعة، وبرج في منتصف كل ضلع.

ويضم موقع زبالا أساسات مسجد مستطيل يقوم على 5 دعائم مربعة، وآثار سور من الحجر طوله نحو 1.30م، يحيط بمجموعة من المباني، وعلمين قائمين جنوب الحصن، وعددًا من كسر الفخار المزجج باللونين الأحمر والأخضر.

وتقع بركة الجميمة شرق محافظة رفحاء، ويشمل الموقع بركة مياه مربعة بدعائم أسطوانية، ودرجًا مكونًا من 13 درجة، وبئر مياه محفورة بالصخر يبلغ قطر فوهتها نحو مترين، بالإضافة إلى مجموعة وحدات معمارية، بينها مبنى أثري مربع به 11 غرفة وفناء.

وبجانب بركة الجميمة يوجد موقع الثليمة (الهيثم)، ويضم بركة دائرية بقطر 32م مجصصة ولها درج، وقناة تتصل بمصفاة، ويشمل الموقع عددا من الأساسات الحجرية.

وفي مركز القاع على مسافة 43 كم شمال شرقي موقع زبالا، تقع إحدى محطات درب الحج الكبيرة، تشمل بركتين مستطيلتين، تتصلان عبر قناة مغطاة، وقربهما حوض ماء، ومصنع للجص، وبئر مطمورة، بالإضافة إلى قصر مبني من الحجر والجص واللبن، وقلعة غير منتظمة الأبعاد، ومسجد مستطيل بمحراب، وعثر في الموقع على كسر من الفخار الأحمر، والأصفر الخشن، والزجاجي.

ويضم موقع الغمياء محطة من الحجم المتوسط، وقصرًا مبنيًا من الحجر مؤلفًا من 5 غرف، إحداها استخدمت كمسجد، فيما يعد موقع الظفيري آخر محطات درب زبيدة داخل الحدود السعودية، وبه بركة دائرية، وفرن لحرق الجص لتلييس المباني في المحطة.

آثار في قرية زبالا التابعة لمحافظة رفحاء بمنطقة الحدود الشمالية. (واس)

تحوي منطقة الحدود الشمالية نماذج عديدة من العمارة التقليدية التراثية في السعودية، تعد شواهد حضارية باقية حتى اليوم، ومنها:

سوق لينة: يقع مركز لينة جنوب محافظة رفحاء، ويحتوي الموقع على سوق كان مركز تبادل تجاري، تظهر أطلال منه حتى اليوم من دكاكين مبنية بالطين، ومظلات مصنوعة من سعف النخيل المستندة على أعمدة كبيرة.

قصر الملك عبدالعزيز التاريخي: يقع في مركز لينة، شُيّد عام 1354-1355هـ/1935م-1936م، تتجاوز مساحته 1000م2، وهو مبني من الطين واللِبن والحجارة، وتوجد داخله بعض الكتابات الأثرية، التي تحكي تاريخه وسنة تشييده ويضم في كل ركن من أركانه الأربعة برجًا دائريًا، تتوسطه بوابة كبيرة مصنوعة من الخشب، وفي الداخل توجد غرف خاصة بسكن الملك عبدالعزيز وأسرته، وأخرى للضيافة والاستقبال، إضافة إلى مسجد، وبئر قديمة، ومكان مخصص للخيل، وفناء واسع، تطل عليه معظم الغرف.

قصر الملك سعود في عرعر: شيد في عهد الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود، عام 1373هـ/1954م، وسط محافظة عرعر، وهو من أوائل المباني فيها، بني من الحجارة المشذبة التي جلبت من جبال تبعد نحو 40 كم غرب المحافظة، تصل مساحته إلى 1,485 م2، ويتكون من دور واحد، تتوسطه ساحة داخلية، ويضم القصر 3 أجنحة، عند جهات البناء الأمامية والجنوبية والشمالية، ترتبط جميعها مع الساحة الداخلية للقصر بمجموعة من الأبواب.