السينما في السعودية

السينما في المملكة العربية السعودية، تُمثّل قطاعًا ناميًا يخدم صناعة الأفلام وتنظيم العروض المرئية، ضمن صالات ودور عرض سينمائية مجهزة بمعايير حديثة، وهي تحت إشراف هيئة الأفلام التابعة لوزارة الثقافة.

ظهرت السينما في السعودية في بداية خمسينات القرن الميلادي العشرين، حين ظهر أول فيلم محلي عام 1369هـ/1950م بعنوان “الذباب”، من إنتاج شركة أرامكو السعودية، وهو من بطولة حسن الغانم، الذي يعد بذلك أول ممثل سينمائي سعودي،كما أُنتج أول فيلم سينمائي طويل حول السعودية عام 1374هـ/1955م، بعنوان "جزيرة العرب"، بمشاركة عدد من الممثلين المحليين،ويُؤرخ تاريخ السينما ظهور أول فيلم سعودي بشكل رسمي عام 1395هـ/1975م وكان بعنوان "تطوير مدينة الرياض"، للمخرج السعودي عبدالله المحيسن، الذي شارك بفيلمه في مهرجان الأفلام التسجيلية في القاهرة عام 1396هـ/1976م،تلاه الفيلم الوثائقي "اغتيال مدينة" للمخرج نفسه وذلك في عام 1397هـ/1977م، وحاز حينها جائزة نفرتيتي لأفضل فيلم قصير، كما عرض في مهرجان القاهرة السينمائي للعام نفسه.واستمرت غالبية الإنتاج المحلي للأفلام من خلال شركة المحيسن الإنتاجية الخاصة، حتى بداية تسعينات القرن الميلادي العشرين، ثم توقف إنتاج الأفلام الروائية السعودية حتى بداية الألفية الثالثة.

ورغم توقف العروض السينمائية في السعودية في بداية الثمانينات الميلادية، بعد أن كانت تنشط بشكل عشوائي عبر الأندية الرياضية وبعض البيوتات، إلا أن عملية صناعة الأفلام لم تتوقف، إذ صُوِّر وأُنتج عدد من الأفلام السعودية التي اعتمدت على الجهود الفردية من شباب هواة، عرضت بعضها في مهرجانات وتجمعات محلية، وشاركت في مهرجانات عربية وخليجية.

وانحصر مجمل تجارب الأفلام السعودية على مر الـ40 عامًا السابقة لعام 1439هـ/2018م، في فئتي الأفلام الروائية والقصيرة، وفروع الدراما والكوميديا والوثائقيات،وبحلول عام 1443هـ/2022م، وصل عدد الأفلام السعودية التي شاركت في مهرجاني البحر الأحمر السينمائي الدولي ومهرجان أفلام السعودية إلى نحو 364 فيلمًا، مما يدل على ازدياد الإنتاج في القطاع.

وفي عام 1429هـ/2008م، افتتح مهرجان أفلام السعودية في مدينة الدمام، وعرض خلال دورته الأولى 44 فيلمًا ضمن ثلاثة مسارات، هي: مسار الأفلام الروائية القصيرة، والأفلام الوثائقية القصيرة، وكتابة السيناريو.

شهد عام 1433هـ/2012م نقلة في إنتاج الأفلام السينمائية السعودية، بعد أن أخرجت هيفاء المنصور فيلم "وجدة" المُصوَّر داخل السعودية، بهوية وممثلين سعوديين، وتُوِّج الفيلم بثلاث جوائز تقديرية في مهرجان فينيسيا العالمي،وبذلك يُعدُّ أول فيلم سعودي طويل يحظى بجائزة في هذا المهرجان.

شارك الفيلم الروائي القصير "حرمة" للمخرجة عهد كامل في المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة في مهرجان برلين في دورته لعام 1434هـ/2013م، وهو أول فيلم سعودي يشارك في هذا المهرجان.

ظهر فيلم "بركة يقابل بركة" عام 1437هـ/2016م، كأول فيلم روائي طويل يعرض في مهرجان برلين السينمائي، وهو من إخراج السعودي محمود صباغ، إلى جانب عرضه في مهرجانات عربية ودولية أخرى، وحصد هذا الفيلم عدة جوائز، ورُشّح لجائزة الأوسكار العالمية عن فئة الأفلام الأجنبية.

يأتي تنشيط قطاع السينما في السعودية، باعتباره من أهداف برنامج جودة الحياة، أحد برامج رؤية السعودية 2030، كما استُحدثت جهات ومسابقات تنافسية ومبادرات حكومية لخدمة صناعة الفيلم السعودي، كهيئة الأفلام التابعة لوزارة الثقافة.

وأُعيد افتتاح دور السينما في السعودية عام 1439هـ/2018م، وعُهد بتنظيم عملها إلى شركة (AMC) العالمية للترفيه، وتُشغل صالات العرض في السعودية عدة شركات منها: شركة سينما فوكس، وشركة سينما موفي، وفي عام 1444هـ/2023م، وصل عدد دور العرض إلى نحو 66 دارًا في 20 مدينة سعودية، بإجمالي 607 شاشات عرض، وقدرة استيعابية تصل إلى 62,530 مقعدًا.

يُعدُّ فيلم "رولم" أوَّل فيلم روائي سعودي يُعرض على شاشات السينما في جدة والرياض عام 1440هـ/2019م، وقد صوِّرت جميع أحداثه في مدينة جدة، وهو من إخراج عبدالإله القرشي،ثم توالى الإنتاج السينمائي مع ظهور مزيد من المواهب في مجالات الإخراج والتمثيل وكتابة السيناريو.

تبذل السعودية جهودًا لدعم وتطوير قطاع السينما من خلال إقامة الفعاليات والأندية المخصصة وتنظيم واستضافة المهرجانات المحلية والعالمية،والتي منها:

هو مهرجان سينمائي دولي يقام في مدينة جدة غربي السعودية، يدعم قطاع الأفلام المحلي، ويستهدف إثراء المحتوى السينمائي، محليًّا وعربيًّا.ويستقبل المهرجان جميع أنواع الأفلام السينمائية والتلفزيونية والتفاعلية، العربية والعالمية،تأسس المهرجان عام 1440هـ/2019م، ضمن مبادرات عدة لوزارة الثقافة.

ويحرص المهرجان على مراعاة معايير السينما العالمية،وتتعدد أقسامه لتشمل مسابقة البحر الأحمر، وتضمّ الأفلام الروائية والوثائقية وأفلام التحريك، ومسابقة البحر الأحمر للفيلم القصير، والتي تضمّ أفلامًا لا تزيد مدتها على 60 دقيقة، وسينما السعودية الجديدة، وروائع العالم الذي يضم مخرجين مهمين في العالم، وأفلامًا تُعرض للمرة الأولى في العالم العربي، وروائع عربية للأفلام العربية الحدية التجارية والمستقلة، إضافة إلى مسلسلات البحر الأحمر، ورؤى البحر الأحمر، والسينما العائلية، وكنوز البحر الأحمر، واختيارات عالمية لأهم ما تقدّمه المهرجانات السينمائية.

تأسس عام 1429هـ/2008م، في مدينة الدمام (انتقل إلى الظهران لاحقًا)، ويُعدُّ منصة سينمائية سعودية تهتم بتطوير وتمكين صناعة الأفلام المعاصرة بالسعودية، ويعود تأسيس وتنظيم المهرجان إلى الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون في الدمام بشراكة مع النادي الأدبي في المنطقة الشرقية، تحت اسم مسابقة أفلام السعودية في دورتها الأولى 1429هـ/2008م.

توقف المهرجان لنحو سبعة أعوام، ثم أعادت الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون إطلاقه باسم مهرجان أفلام السعودية لدورة ثانية عام 1436هـ/2015م،مع التوسع في أنشطته، واستمرت في تنظيمه حتى الدورة التاسعة التي نظمتها جمعية السينما عام 1443هـ/2023م، بشراكة مع مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي "إثراء" في الظهران، وبدعم من هيئة الأفلام التابعة لوزارة الثقافة،إذ اتفقت اللجنة المنظّمة للمهرجان على تحويل جميع الحقوق وآليات والتزامات تنظيم المهرجان في دوراته المقبلة من جمعية الثقافة والفنون إلى جمعية السينما.

تأسس عام 1442هـ/2021م في محافظة جدة، وهو أحد التجمعات الفنية الثقافية للهواة والمتخصصين والطلبة والموهوبين في المجال السينمائي في كل فئاته من الإنتاج، والتمثيل، والإخراج، والتصوير، للمشاركة بخبراتهم وتجاربهم والعمل على تطوير وتأهيل وتدريب المواهب في صناعة السينما؛ تقنيًّا، وثقافيًّا، وفنيًّا، وفكريًّا، ويندرج النادي ضمن أنشطة منصة "هاوي"، إحدى مبادرات جودة الحياة في السعودية.

ويهدف النادي إلى إبراز الموهوبين واكتشاف المواهب الشابة في  قطاع السينما، ومساعدة المهتمين وتمكينهم، وتأهيل القدرات والماهرين للمنافسة في المجال السينمائي حول العالم، والعمل لإنشاء أعمال سينمائية نوعية.

في عام 1445هـ/2024م، أقر مجلس الوزراء نقل اختصاص قطاع الأفلام والسينما من الهيئة العامة لتنظيم الإعلام إلى هيئة الأفلام. وشمل النقل في المرحلة الأولى كل ما يتعلق باختصاص السينما، ومنها التراخيص الخاصة به، التي تشمل رخصة مزاولة نشاط تشغيل دور السينما الدائمة والمؤقتة والاحتياج المتخصص، ورخصة تشغيل قاعات سينما دائمة، ورخصة تشغيل قاعات السينما المؤقتة (المتنقلة)، ورخصة تشغيل دور السينما المتخصصة (المؤسسات الأهلية والتعليمية)، وما يتعلق باختصاص الأفلام بما يتضمن التراخيص الخاصة به، التي تشمل رخصة تشغيل أستوديو إنتاج، ورخصة إنتاج المحتوى الإعلامي المرئي والمسموع للأفلام والمسلسلات، ورخصة توزيع أو استيراد الأفلام السينمائية والفيديو والبرامج التلفزيونية.

استندت هيئة الأفلام في بناء استراتيجيتها التي أطلقتها عام 1442هـ/2021م، لتطوير قطاع الأفلام والسينما، على مقارنة معيارية مع 20 دولة بارزة في صناعة السينما، لاتباع الممارسات المتقدمة، بهدف صياغة استراتيجية شاملة لقطاع الأفلام السعودي، تأخذ في الاعتبار متطلبات المرحلة واحتياجات صنّاع الأفلام السعوديين بتنوع تخصصاتهم، وحللت المقارنة المعيارية الوضع الحالي، والوصول إلى تعريفٍ للقطاع، ومهام واختصاصات الهيئة، إضافة إلى الأهداف الرئيسة والمبادرات والبرامج والمشروعات.

تعمل هيئة الأفلام وفق الاستراتيجية الشاملة لقطاع الأفلام السعودي على نحو 19 مبادرة استراتيجية، تهدف إلى تأمين بنيةٍ تحتية للإنتاج السينمائي، واستحداث حراك في قطاع الأفلام المحلي، وتمكين المواهب والكوادر السعودية، وتشمل المبادرات: معارض لقطاع صناعة الأفلام، والتعليم والتدريب، وبرنامج تحفيز صناعة الأفلام، واستقطاب المواهب وتنميتها، وبرنامج التوعية المهنية، ومجمّع الأفلام، وشبكة استوديوهات الإنتاج الإقليمي، وبرنامج حوافز الأفلام السعودية (المنح، والاسترداد، وغيرها)، والعضويات والشراكات، إلى جانب، برنامج تعزيز الإنتاج المشترك، وبرنامج تطوير الأعمال، وفعاليات السينما السعودية المحلية والعالمية، ودعم أنظمة الإنتاج، ودعم أنظمة العرض، وتنفيذ المبادئ التوجيهية لقطاع الأفلام الدولي، والمعارض وشراكات التوزيع والدعم، وتقنين إجراءات الترخيص وشهادات عدم الممانعة، والأرشيف الوطني للأفلام، ومنصة إلكترونية لخدمات المعلومات والتسهيلات، وترجمت استراتيجية الهيئة مبادراتها إلى 46 مشروعًا ستنفذها على مراحل زمنية محددة.

وتقيس استراتيجية هيئة الأفلام لتطوير قطاع الأفلام والسينما أداءها ومستوى إنجازها من خلال 7 مؤشرات، هي: عدد شاشات السينما، وعدد الأفلام المنتجة محليًّا، ونسبة المحتوى المحلي على منصات العرض، ومساحة مناطق التصوير داخل استوديوهات الإنتاج في السعودية، وعدد الطلاب المسجلين في تخصصات الأفلام في السعودية، والنسبة المئوية لمعدل الرضا العام عن سهولة ممارسة الأعمال، وإيرادات العرض للأفلام السعودية (طويلة وقصيرة)، والمسلسلات السعودية؛ محليًّا وعالميًّا عبر قنوات العرض التقليدية والرقمية، حيث ستقدم هذه المؤشرات قياسًا دقيقًا لمدى نمو عملية تطبيق الاستراتيجية.

تتيح منصة الخدمات الإعلامية "إعلام"، خدمة استخراج التراخيص لمزاولة نشاط تشغيل دور السينما الثابتة والمؤقتة، وتستهدف هذه الخدمة ثلاث فئات: سعودي، وأجنبي، والجهات المرخصة إعلاميًا.

ويخضع طالب الترخيص لمزاولة نشاط تشغيل دور السينما الثابتة لعدة ضوابط وشروط، منها: أن يقدم ما يثبت الخبرة، والقدرة على تشغيل دور السينما بناءً على متطلبات هيئة الأفلام، وأن يقدم طالب الترخيص خطة تشغيلية كاملة  لدور السينما، كما يتطلب توفير المستندات التالية: سجل تجاري مضافًا به النشاط الإعلامي، وأن يكون لطالب الترخيص عنوان محدد (العنوان الوطني)، وأن تتوفر لديه الخبرة في مجال النشاط لمدة لا تقل عن 10 سنوات للفئة (أ)، و5 سنوات للفئات (ب، وج)، وأن يكون لدى المشغل أكثر من 100 شاشة قائمة عالميًّا وقت تقديم الطلب للفئة (أ)، و10 شاشات قائمة عالميا للفئات (ب، وج)، وإرفاق القوائم المالية للجهة لخمس سنوات في مجال النشاط للفئة (أ)، وثلاث سنوات للفئات (ب، وج).

أما ترخيص مزاولة نشاط تشغيل دور السينما المؤقتة والاحتياج المتخصص، فتستهدف فئات (السعودي، والأجنبي، والجهات المرخصة إعلاميًا)، ولها ذات الشروط والمستندات المطلوبة في تشغيل السينما الثابتة، مضافًا إليها أن يكون لدى المشغل أكثر من 5 شاشات قائمة.

يشمل هذا الترخيص تشغيل السينما لعرض فيلم سينمائي أو أكثر، بشكل دائم أو مؤقت، ودار عرض سينمائي يستخدم بشكل دائم، ويستهدف فئات (السعودي، والخليجي، والأجنبي)، ويخضع لشروط منها: أن يكون طالب الترخيص مرخصًا له من هيئة الأفلام بمزاولة نشاط تشغيل دور السينما، واستخراج التصاريح والرخص المطلوبة من الجهات ذات العلاقة مع استخراج شهادة عدم ممانعة لإنشاء دار السينما، وتوريد ما يعادل 15% إلى الهيئة، من العائدات والمداخيل المتأتية من قيمة كل تذكرة يتم بيعها في دور العرض الواقعة في الفئة (أ)، وتوريد ما يعادل 10% إلى الهيئة من العائدات والمداخيل المتأتية من قيمة كل تذكرة يتم بيعها في دور العرض الواقعة في الفئة "ب"، وتوريد ما يعادل 5% إلى الهيئة من العائدات والمداخيل المتأتية من قيمة كل تذكرة يتم بيعها في دور العرض الواقعة في الفئة "ج"، وإعفاء مشغلي دور العرض السينمائية من توريد أي مقابل مالي للهيئة عن بيع تذاكر الأفلام المحلية في مختلف صالات العرض السينمائي، على أن يكون الفيلم مصنفًا من قبل الهيئة من الأفلام المحلية في شهادة الفسح، وأن يتم تخفيض سعر تذكرة الأفلام المحلية التي يتم بيعها للجمهور بما يعادل المقابل المستحق للهيئة عنها، والالتزام بعرض النسخة المفسوحة من الهيئة، ويمنع عرض أي محتوى غير مفسوح، والالتزام باللائحة الخاصة بالشروط والمواصفات الفنية لفئات الدليل المناطقي لتراخيص السينما.

كما يلزم طالب ترخيص تشغيل دار سينما ثابت توفير المستندات المطلوبة لاستخراج ترخيصه، ومنها: تفاصيل الشاشات المراد تشغيلها وتشمل النوع وعدد المقاعد ونوع المقعد وسعر التذكرة، وإرفاق ما يثبت ملكية العقار، أو عقد الإيجار طويل المدى.

وينطبق على طالب الترخيص المؤقت لدار السينما ذات الشروط على طالب الترخيص الثابت، مضافًا إليها المستندات المطلوبة: إرفاق ما يثبت موافقة وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان على استخدام المكان لغرض عرض الأفلام السينمائية، وفي حال كان العرض ضمن فعالية مرخصة يجب كتابة اسم الفعالية والتفاصيل الخاصة بها، وتفاصيل الشاشات المراد تشغيلها، وتشمل النوع وعدد المقاعد ونوع المقعد وسعر التذكرة.

تُعدُّ تجربة Bean bag Cinema أول تجربة من هذا النوع في السعودية، ونظمت ضمن مهرجان العودة إلى الرياض الذي أقامته الهيئة العامة للترفيه في عام 1443هـ/2022م، وهي إحدى أنواع السينما الداخلية التي تستخدم في الاستضافات والحفلات الخاصة، واشتملت Bean bag Cinema على 70 مقعدًا، مجهزة لمشاهدة الأفلام التعليمية وأفلام المغامرة والخيال.