حمد الجاسر

حمد بن محمد الجاسر (1328هـ/1909م-1421هـ/2000م)، هو كاتبٌ ومؤرخٌ ونسَّابة، من مؤسسي الصحافة والنشر في المملكة العربية السعودية، أصدر "مجلة اليمامة" عام 1953م، ثم أنشأ "مكتبة العرب" في مدينة الرياض عام 1954م، وفي العام نفسه أسس شركة الطباعة والنشر الوطنية، التي أسهمت بدورها في نشأة مطابع الرياض، وأشبعت حاجة المنطقة إلى النشر والتوزيع.
أشرف حمد الجاسر على إنشاء مؤسسة اليمامة الصحفية عام 1965م، ومنها انطلقت صحيفة الرياض اليومية وصحيفة اليمامة الأسبوعية، تلا ذلك تأسيسه "دار اليمامة للبحث والترجمة والنشر" التي أصدرت عام 1966م "مجلة العرب" الشهرية.

ولد حمد الجاسر في قرية البرود شمال مدينة الرياض، وتعلم في الكتاتيب خلال السنوات الأولى من حياته، ثم صار معلمًا للفتية في أحد مساجد الرياض، ثم عُيِّن كاتبًا لأحد القضاة في إحدى هجر البادية، قبل أن ينتقل إلى مكة المكرمة عام 1930م، ليحصل على مؤهل في القضاء الشرعي من المعهد العلمي السعودي.

كرر الجاسر تجربة التدريس بعد تخرجه في المعهد، وعُيِّن في مدينة ينبع عام 1935م، وبعد عامين التحق بسلك القضاء وعُيِّن قاضيًا لمحافظة ضبا التابعة لمنطقة تبوك عام 1937م، حيث قضى فيها عامًا واحدًا فقط، قبل أن يعود للتدريس في مدينة جدة، إلى أن حصل على فرصة الابتعاث إلى القاهرة لإتمام دراسته الجامعية عام 1939م.
ولم يُقدَّر لحمد الجاسر أن يكمل دراسته، فبعد ستة أشهر قضاها في كلية الآداب بجامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليًّا)، جاءت الحرب العالمية الثانية لتُجبر الطلبة المبتعثين على العودة إلى السعودية، حرصًا على أنفسهم من ظروف الحرب ومتغيراتها، وبعد عودته استأنف عمله في التدريس بمحافظة الخرج التابعة لمنطقة الرياض.

عُيِّن حمد الجاسر بأمر ملكي عام 1944م رئيسًا لمراقبة التعليم بالظهران، وأوكلت إليه مهام الإشراف على التعليم في مدن المنطقة الشرقية، ثم انتقل في عام 1949م، إلى العمل في نجد وأشرف على تطوير التعليم في منطقة الرياض، وفي الرياض عمل مساعدًا لمفتي المملكة العام آنذاك محمد بن إبراهيم آل الشيخ، وتمكن عبر منصبه هذا من الإشراف على تأسيس أول معهد علمي في المنطقة "معهد الرياض العلمي"، وفيه جرى إعداد معلمين للتدريس في مدن المنطقة والمحافظات التابعة لها.

بدأ حمد الجاسر نشر مؤلفاته عام 1950م، فكان إصداره الأول عن تاريخ سوق عكاظ، ثم توالت كتبه بعد ذلك في مجالات التاريخ والجغرافيا والآثار والأنساب، وتُعد مراجع أصيلة في مجالها، ومنها: مدينة الرياض عبر أطوار التاريخ، والمعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية في ثمانية أجزاء، والدرر الفرائد المنظمة بأخبار الحاج وطريق مكة المعظمة للجزيري، والذي نال عنه جائزة الملك فيصل العالمية سنة 1996م في خدمة التراث العربي.
وفي عام 1954م كان حمد الجاسر يدير الكليتين اللتين تأسستا تباعًا في مدينة الرياض "كلية الشريعة" و"كلية اللغة العربية"، وقد نال جوائز على مستوى السعودية، منها جائزة الدولة التقديرية في الأدب سنة 1984م، ووسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى عام 1997م، فيما حصل على الدكتوراه الفخرية من جامعة الملك سعود عام 1996م.

عاش حمد الجاسر نحو 93 سنة، قضى منها نحو 80 عامًا في الكتابة الصحفية، وفي ريادة النشر والتاريخ، وبعد وفاته عام 1421هـ/2000م، أنشأ تلاميذه وأصدقاؤه مؤسسة حمد الجاسر الخيرية، التي انطلق منها مركز حمد الجاسر الثقافي.