تم نسخ الرابط بنجاح
saudipedia Logo
نظام الأكوابونيك الزراعي في السعودية
مقالة
مدة القراءة 4 دقائق

نظام الأكوابونيك الزراعي في السعودية، نظام الأكوابونيك هو أحد فروع الزراعة المائية، وهو عبارة عن نظام زراعي يدمج بين تربية الأحياء المائية (الأسماك)، وزراعة النباتات في الماء دون تربة، كما أنه واحد من أكثر الطرق استدامة للغذاء والأحدث عالميًّا في مجالات الزراعة والمحافظة على البيئة، حيث تعمل النباتات على تنقية المياه للأسماك التي بدورها توفر السماد الطبيعي من خلال مخلفاتها لزيادة نمو النباتات وضمان زيادة إنتاجيتها.

خصائص مزارع الأكوابونيك

 تتمثل مزارع الأكوابونيك في استخدام مياه الاستزراع السمكي في ري المزروعات، وتتبنى التكامل بين الأسماك والنباتات بما يعرف (بالأكوابونيك Aquaponics system)، وهذا النموذج الزراعي المستدام يُعزز من جودة المحاصيل ويُحسن إنتاجية مياه الري وإنتاج الورقيات والأسماك، مع الحفاظ على الموارد البيئية وتحقيق زيادة ملحوظة في إنتاجية وحدة المساحة، وتوفير أكثر من 90% من مياه الري مقارنة بالزراعة التقليدية، مع التزام تام بعدم استخدام المبيدات والأسمدة الكيميائية.

الاستثمار في نظام الأكوابونيك

أولت السعودية اهتمامًا كبيرًا في الاستثمار في مشاريع الاستزراع المائي بنظام الأقفاص العائمة وبنظام الأكوابونيك، والذي يعد زراعة تكاملية بين النبات والأسماك معا اعتماداً على مخلفات الأسماك لتغذية النبات وتغذية الأسماك من مغذيات النبات، ويعد الاستثمار في هذا النظام أحد أهم الروافد التي تدعم خطط التنمية الشاملة، وتحقق أهداف وتوجهات الاستراتيجية العامة للتنمية الوطنية في السعودية، والتي ترمي إلى إثراء التنوع الاقتصادي الوطني، وتوفير فرص وظيفية للمواطنين، وتفعيل مشاركتهم في المجالات العديدة التي تنتجها مشاريع التنمية.

يقدم صندوق التنمية الزراعية قروضا تمويلية لمشاريع الاستزراع المائي، ويرفع قيمة القرض إلى 70%، للمشاريع التي تستخدم هذا النظام، ويستفيد من تمويل الاستزراع المائي كل من المشاريع المتخصصة، سواء كانت الشركات أو الأفراد أو الجمعيات التعاونية، ويهدف تمويل الاستزراع المائي إلى إنتاج عالي الجودة بتقنيات متقدمة، وإلى رفع النمو الاقتصادي لإنتاج الأسماك بالسعودية، والإسهام في تحقيق الأمن الغذائي، وكذلك استدامة الموارد الطبيعية.

نظام الأكوابونيك وتوفير المياه

يعد نظام الأكوابونيك الزراعي نظام استزراع هجين ما بين نظام الاستزراع المائي التقليدي ونظام الهيدروبونك، وهو الزراعة في الماء بدون تربة، ويتيح النظام إنتاج أحياء مائية مع محاصيل نباتية في نفس الوقت، ويتميز عالميًّا عن غيره من أنظمة الاستزراع بتوفير المياه، وعدم محدودية حجم ومساحة النظام المستخدم، وشكل ظاهرة لدى كثير من الناس بسبب سهولة بنائه في أي مكان، حتى داخل المنازل مع أحواض الزينة.

وينظر إلى هذا النظام على أنه من الأنظمة المستقبلية التي يتوقع انتشارها، وذلك للمزايا الكثيرة التي يتمتع بها، ولرغبة الناس في إنتاج منتجات عضوية وصحية تكفي حاجاتهم، بالإضافة إلى مزايا الترفيه والتسلية، وللسعودية تجارب ناجحة عدة في الاستزراع بهذا النظام، وذلك لفعاليته وجودة إنتاجه.

ولنظام الأكوابونيك الزراعي القدرة على توفير استهلاك المياه، سواء ما يتعلق بزراعة المحاصيل النباتية بطرق الري العادية، أو استزراع الأسماك بأنظمة الاستزراع التقليدية، وأظهرت النتائج المنشورة حول هذا النظام قدرته على توفير كمية كبيرة من المياه تصل إلى 90%، وهذا يعني أنه من خلال هذا النظام يمكن أن يستهلك 10% فقط من كمية المياه المستهلكة لإنتاج نفس كمية النباتات والأسماك المنتجة بالطرق العادية.

وجعلت هذه الميزة الجمعية السعودية للاستزراع المائي وبالتعاون مع الجهات المعنية، مثل إدارة المزارع السمكية في وزارة البيئة والمياه والزراعة، تعطي مزيدًا من الاهتمام بهذه التقنية، ودراسة إمكانية إنشاء مشاريع نموذجية تساعد في تحسين جودة الإنتاج لمزارع إنتاج الأسماك في المياه العذبة، والتي تواجه مشاكل كبيرة في أحيان عدة، نتيجة نقص كمية المياه، وذلك بسبب استخدام الطرق التقليدية المفتوحة في استزراع الأسماك، والتي تؤدي إلى هدر كميات كبيرة من المياه، وهذا ما لا يتماشى مع توجهات المملكة في ضرورة ترشيد استهلاك المياه.

تنوع خيارات الإنتاج في نظام الأكوابونيك

خلافاً للطرق التقليدية المنفصلة للزراعة والاستزراع، فإن هذا النظام يتيح إنتاجًا مزدوجًا للأسماك والنباتات، فخلال دورة الإنتاج الواحدة يمكن الحصول على منتجات سمكية وكذلك زراعة نباتات ورقية في نفس الوقت وبنفس المجهود وتكاليف التشغيل، ولا يقتصر ذلك على خيارات الإنتاج، بل يصل أيضاً إلى جودة المنتج.

من خلال هذا النظام يمكن الحصول على محاصيل زراعية عضوية بجودة عالية، لأنها في الأصل تستخلص المواد المغذية من المياه الناتجة عن أحواض تربية الأسماك، دون إضافة أي أسمدة أو مواد كيميائية، وهناك مستقبل واعد لهذه التقنية في السعودية، وهذا ناتج عن المميزات الكثيرة لهذا النظام، ولسرعة انتشار استخدامه عالميًّا.

تقنية التربية المتكاملة للأسماك مع النباتات في نظام الأكوابونيك

قدم فريق بحثي من معهد أبحاث البيئة والموارد الطبيعية في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، في عام 1429 هـ/ 2008 م، أول بحث على تجربة نظام الأكوابونيك في الوطن العربي، بعنوان "التربية المتكاملة للأسماك مع النباتات في نظام مغلق لتدوير المياه"، وأقيمت التجربة في محطة الأبحاث التابعة للمدينة في المزاحمية.

تركزت فكرة البحث على اختبار إمكانية تطبيق نظام الأكوابونيك في البيئة المحلية، ودمج إنتاج الأسماك مع النبات في نظام إعادة تدوير للمياه، وتم خلال التجربة تحديد الأنواع المراد العمل عليها، سواء بالنسبة للأسماك أو النباتات المستخدمة، وتم اختيار أسماك البلطي النيلي، حيث تعد من أفضل أنواع الأسماك المستخدمة مع هذا النظام، وذلك لسهولة التربية والتفريخ، وقدرتها على تحمل الظروف المختلفة للتربية ومقاومة الأمراض، وانخفاض معدل التحول الغذائي.

وبالنسبة للنباتات المختارة فإن التجربة ركزت على استخدام نبات الخس، أحد أنواع الخضراوات المعروفة، وركزت على عوامل الاختيار، ومنها قصر فترة التربية وارتفاع قيمته السوقية، وبشكل عام فإن اختيار الخضراوات الورقية أو غيرها من الخضراوات التي لها نفس المميزات هو الأنسب مع هذا النظام.

أظهرت نتائج التجربة تحقيق إنتاجية مضاعفة، سواء من الأسماك أو النباتات، حيث رفع النظام كثافة إنتاج الأسماك، ووفر استهلاك المياه المستخدمة في الاستزراع إلى أكثر من 95 %، وفي نفس دورة الإنتاج تم الحصول على إنتاج إضافي من النباتات، وهو الخس، بإنتاجية مضاعفة أربعة أضعاف الإنتاجية للفدان مقارنة بطرق الزراعة التقليدية.